للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

امتناع اجتماع الوجوب في أحدهما والعدم في الآخر، فتكون دلالتها على امتناع هذا الاجتماع مشروطة (١) بما يمنع هذا الاجتماع، وهذا أيضًا لا يفيد، فإن الدليلَ إذا لم يدل إلا بتقدير وجودِ المدلول عليه بدونه لم يكن دليلًا لعدمِ تأثيره في المدلول وجودًا وعدمًا.

هذا هو السِّرُّ (٢) في ردِّهم دعوى أحد الأمرين اللذين أحدهما معلوم الانتفاء. وأيضًا فإنه إن استدلَّ على عدم اجتماع الوجوب هنا والعدم هناك بما ينفي الوجوبَ هنا= كان ذلك وحدَه دليلًا على عدم الوجوب هنا، وهو المطلوب، فلا يجوز جَعْل عدم الاجتماع مقدمةً في الدليل، وهي لا تثبتُ إلا بثبوت المطلوب، فيكون ذلك مصادرةً على المطلوب. وأيضًا فإنه هب أنه أمكنه الدلالة على عدم الوجوب هنا، أو على ثبوته هناك، لكن ليس هنا ما يدلُّ على التنافي، فإن مجرَّد [ق ٢٣٢] الدلالة على ثبوت الشيء أو نفيه لا يدلُّ على نفي غيره أو ثبوته إلا بواسطةٍ أخرى.

فإن قال: الواسطةُ هي الدليل الآخر في الجانب الآخر.

قيل له: وذلك ــ أيضًا ــ لا يدلُّ على عدم الاجتماع، لا بنفسه ولا بواسطة. وإيضاح ذلك: أنه إذا استدلَّ على الوجوبِ هناك، ثم قال: فلا يجتمع عدم الوجوب هناك والوجوب هنا.

قيل له: لا نُسَلِّم، فإنه بتقدير أن يكون الوجوبُ هناك ثابتًا جاز أن يكون العدمُ هنا ثابتًا، وهذا وإن كان خلاف الإجماع، لكن الوجوب هناك خلاف الإجماع، فلا يضرُّ أن يلزم من خلافِ الإجماع خلافُ الإجماع.


(١) الأصل: «مشروط».
(٢) هكذا استظهرتها.