للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لزم عدمُ ثبوتِهِ في صدقة فطر عبيد التجارة، وبنتي لبون وحقة في ثلاثين ومائة من الإبل؛ لأن العدمَ هناك والوجوبَ هنا لا يجتمعان، وإن كان ثابتًا هناك لزم عدم الثبوت هنا؛ لأن الوجوب لا يشمل الصور بالاتفاق، وهذا مُعَارَض بمثله سواء، مثل أن يقول الحنفيُّ: عدمُ الوجوب هنا مع الوجوب هناك لا يجتمعان؛ لأن المشترك إما موجب فيثبت الوجوب فيهما، أو غير موجب فلا يثبت الوجوب بالنافي السالم، وعلى التقديرَين فلا يجتمعان، ويلزم من ذلك عدم الوجوب فيهما، لأن الوجوب هناك إمَّا ثابت أو غير ثابت، فإن كان ثابتًا لزم الوجوب هنا، لعدم اجتماع العدم هنا والوجوب هناك، وإن لم يكن ثابتًا لزمَ الوجوب هنا؛ لأن شمولَ العدم لهما يخالف الإجماع، وإذا كان كذلك لم يتم. سلَّم (١) هؤلاء الجدليون ذلك.

الثاني: أن يكون قد اختُلِف في الوجوب هنا في مذهب المستدل، سواء اتفق على الحكمين في مذهب المعترض، أو اختلف في الأوَّل، أو الثَّاني، مثل مال المَدِين عند الشافعيِّ وأحمد، فإنه مُخْتَلفٌ عنهما فيه في الجملة (٢)، أي في الأموال الظاهرة (٣)، وكذلك الحُلي عندهما، فإذا قال من يستدلُّ به لعدمِ الوجوبِ في الحلي: «الوجوبُ فيه مع العدمِ في مالِ [ق ٢٤٥] الصبيِّ والمجنونِ لا يجتمعانِ ... » وساقَ الكلامَ إلى آخره، وإذا لم يجتمعا لزم الوجوبُ في الحلي؛ لأن الوجوبَ في مالِ الصبيِّ إن لم يكن ثابتًا لزم


(١) لعله سقط شيء من الكلام هنا.
(٢) انظر «المغني»: (٤/ ٢٦٤ - ٢٦٥).
(٣) هي: السائمة والحبوب والثمار، عند الحنابلة، كما في «المغني»: (٤/ ٢٦٤)، وانظر ما سبق في كتابنا هذا (ص ١٠). على خلافٍ عند الحنفية والشافعية، انظر: «القاموس الفقهي» (ص ٣٤٤) لسعدي أبو جيب.