للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من مدن بلاد ما وراء النهر (١).

برز النسفي في العلوم العقلية، كالفلسفة، والكلام، والمنطق، والأصول، وله بعض التصانيف في الخلاف والتفسير، وقد أثنى عليه غير واحد في هذه الفنون.

قال تلميذه ابن الفُوَطي (ت ٧٢٣) كما في «الوافي»: «شيخنا المحقق، العلامة الحكيم، له التصانيف المشهورة. كان في الخلاف والفلسفة أوحد، مُتِّع بحواسِّه، وكان زاهدًا».

وقال الذهبي (ت ٧٤٨) في «دُوَلِه»: «العلامة البرهان النسفي، المتكلم، شيخ الفلسفة ببغداد، صاحب التصانيف في الخلاف».

وأثنى عليه كل مَن ترجم له بنحو ما سبق، إلا أن اللكنوي (ت ١٣٠٤) وصفه بأنه كان «محدِّثًا»! وهذا الوصف تفرَّد به اللكنوي، ولم نجد ما يؤيده، بل وجدنا كل الدلائل تشير إلى عدم اشتغال النسفي بالحديث وقلة بضاعته فيه ــ كما هو حال أكثر من اشتغل بالعلوم العقليَّة ــ.

قال شيخ الإسلام في كتابنا هذا (٢): «هؤلاء المتأخرون من الخلافيين ونحوهم من المتفقِّهة أقل الناس علمًا بالحديث وأبعدهم عن ضبطه ومعرفته، ولعل أحدهم أو أكثرهم لا يَعرفون مظانَّ طلب الأحاديث ... ويكفي دليلًا على ذلك أن هذا المصنف [أي النسفي] ذكر في كتابه هذا عدة أحاديث، عامتها ليست محفوظة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، مع أن في الباب الذي


(١) «معجم البلدان»: (٥/ ٢٨٥)، و «بلدان الخلافة الشرقية» (ص ٥١٣).
(٢) (٢/ ٥٠٤ - ٥٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>