لأنه تحريم الشيء المأخوذ بالعقد يستلزم تحريم العقد، لعدم الأسباب المحرمة غيره، فيكون مرادًا.
فيقول له المعترض: شيءٌ يلزمُ منه عدم الحكم في صورة النزاع مرادٌ من هذا النص؛ لأنَّ تحريم بيعِ الخيارِ والقِثَّاء والبطيخ بجنسه متفاضلًا جائز الإرادة من هذا النص، فيكون مرادًا، وهو شيء يلزمُ منه عدم التحريم في الجِصّ والنُّورة والقطن والكتان؛ لأنه لا قائل بالفَرْق بينَ الحكمين، بحيث يقول بالتحريم في الجميع أو التحليل في الجميع، فمن قال بالتحريم في هذا قال بالتحليل في هذا.
واعلم أن طريقة: لا قائلَ بالفرقِ هنا أجود ممَّا مضى (١)، لأن أصل المسألتين شيءٌ واحد، وهو أن علة التحريم هي الطُّعْم والتماثل في الجنس، وقد أجمعَ الخصمان [ق ٢٦٢] على أن أحدَ القولين ينفي الآخر، فليس للمستدلِّ أن يأتي في هذا الأصل بقولٍ ثالث يخرج عنهما، وهو دعوى إرادة الجميع. لكن هذا إلزامٌ جدليٌّ، وإلا ففي المسألة قولٌ آخر، وهو: أن العلة الطُّعْم والتماثل، فيكون قد سوَّى بين تلك الصور في التحليل.
وفيها قول آخر لبعض الأتباع، وهو أن العلة التَّمَوُّل، فيجري في جميع الأجناس، فقد قيل بالتحريم في الجميع، فبطل قوله:«لا قائل بالفرق»، على أنه لو لم يقل أحدٌ بالفرق في هذه المسألة، فهل يجوز الفرقُ فيها؟ قولان مشهوران لأهل الفقه والأصول ــ كما تقدم ــ لكنَّ القولَ بعدم جواز الفرق هنا متوَجِّه، وإن كان الصحيحُ خلافَه.