للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا ينافيه، فإنَّ المُجْمِعِين الذين أجمعوا أن الحقيقة ليست مرادة لم يخصُّوا ذلك بما ذكَرْته من التقدير، وليس الإجماع قولك حتى تتصرَّف فيه [ق ٢٦٧]. وأما كونك تمنع عدم إرادة كلٍّ منهما فإنّ (١) هذا المنع لم يضرّنا، لأنَّا لم نستدلَّ بشيءٍ، ولكن أنت المستدلّ، فعليك بيان لزوم أحدهما، إما في نفس الأمر، أو على هذا التقدير، وأنت لا تقدر على ذلك إن قَدَرْت عليه إلا بما يُغنيك عن هذا الترديد. ثم إنه يمكن أن يُعارض هذا بما هو من نوعِه، بأن يدَّعي إرادة الحقيقة، أو عدم إرادة صورة النزاع، على تقدير انتفاء ملزومٍ من ملزوماتِ عدمِ الحكم بأن يقول: أحدُهما مراد على تقدير عدم انتفاء عدم الذم عمن لم يُزَكِّ الحلي، وانتفاء عدم وجوب ضمِّه إلى المضروب، أو تقدير عدم إرادة عدم الحكم من قوله: {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} [البقرة: ٢١٩]، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا ضَرَرَ ولا ضِرار» (٢)

فإن هذا التقدير [إن] لم


(١) الأصل: «فإنَّا».
(٢) هذا الحديث جاء من طريق جماعة من الصحابة.
فجاء من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أخرجه الدارقطني: (٣/ ٧٧)، والحاكم: (٢/ ٥٧)، والبيهقي: (٦/ ٦٩).
قال الحاكم: «صحيح الإسناد على شرط مسلم»، ولم يتعقبه الذهبي. وفيه نظر.
وجاء من حديث عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - أخرجه أحمد: (٥/ ٥٥ رقم ٢٨٦٤)، وابن ماجه رقم (٢٣٤١)، والدارقطني: (٣/ ٢٢٨)، والبيهقي: (٦/ ٦٩). وفي سنده جابر الجُعْفي، وهو ضعيف، ومنهم من اتهمه.
وروي من حديث عائشة وعبادة بن الصامت وأبي هريرة، وبمجموع طرقه وشواهده حسَّنه النووي في «الأربعين» برقم (٣٢) وابن الصلاح، وابن رجب في «جامع العلوم والحكم»: (٢/ ٢١٠). وهذا الحديث استدل به الإمام أحمد، وتقبَّله جماهير أهل العلم، وذكر أبو داود أنه من الأحاديث التي يدور الفقهُ عليها.

وذكر ابن عبد البر في «التمهيد»: (٢٠/ ١٥٨) أن هذا الحديث لا يستند من وجهٍ صحيح، إلا أنه صحيح من جهة المعنى، وذكر ما يشهد له.
وانظر «نصب الراية»: (٤/ ٣٨٤ - ٣٨٦)، و «السلسلة الصحيحة» رقم (٢٥٠).