للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتكميلهم واستقامة أمورهم من تقييدهم بقيود الأمر والنهي. ولكان الرسول لم يُبْعَث رحمةً للعالمين؛ لأنَّه بُعِث بالضرر والإضرار، ولكان الشارع قد أراد العُسْر، ولم يُردِ اليُسْر؛ لأنه إنما أتى بالضرر والإضرار، ولكان المنزل من القرآن ليس شفاءً ورحمةً للمؤمنين، إلى غير ذلك من اللزوم (١) التي يقشعر منها الجلد، بل هي كفر واضح قد أجمعَ المسلمون على بطلانها، بل قد دلَّت القواطِعُ السمعيةُ والعقلية على انتفائها، فَعُلِمَ أن الإيجاب والتحريم ليس بضرر ولا إضرار، فبطل دخوله في العموم.

الوجه الخامس: أن الإيجاب والتحريم ليس بداخل في الحديث؛ لأنه لو كان داخلًا لاكتفى بقوله: «لا ضرر»، أو بقوله: «لا إضرار»؛ لأن أحد اللفظين يدلُّ على انتفاء ذلك، كما يدلُّ عليه الآخر، فإعادة اللفظ في مثل ذلك تكرير محض، ولا يُقال: ذلك توكيد؛ لأن التوكيد نوعان:

أحدهما: إعادة اللفظ بعينه كقوله: «والله لأغزونَّ قريشًا، والله لأغزونَّ قريشًا، والله لأغزونَّ قريشًا» (٢)، وقوله: «عدَلَت شهادةُ الزُّورِ الإشراكَ


(١) كذا ولعل الصواب: «اللوازم».
(٢) أخرجه ابن حبان «الإحسان» رقم (٤٣٤٣)، وأبو يعلى في «مسنده»: (٣/ ١٤٣)، والطبراني في «الكبير» رقم (١١٧٤٢)، والبيهقي: (١٠/ ٤٧) وغيرهم من طرقٍ عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس - رضي الله عنهما - مرفوعًا.
وأخرجه أبو داود رقم (٣٢٨٦)، والبيهقي: (١٠/ ٤٨) من طرقٍ عن سماك عن عكرمة مرسلًا.
ورواية سِماك عن عكرمة مضطربة، ورجَّحَ الحفَّاظ الإرسال، كأبي حاتم كما في «العلل»: (٢/ ١٣٨) لابنه، وابن عدي في «الكامل»: (٢/ ٣٣٠)، وغيرهم. انظر: «نصب الراية» (٣/ ٣٠٢)، و «التلخيص الحبير»: (٤/ ١٨٤).