للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والضررُ الموجود في صورة النزاع لو فُرض قَصْره عن (١) صورة [ق ٢٨٨] الإجماع لما كان التفاوت إلا شيئًا (٢) يسيرًا، وهذا الفرقُ اليسير لا يمنعه عن أن يكون من الأقْيِسَة المتوسِّطة إن لم يكن من القويَّة، والأقْيِسة المتوسِّطة راجحة على عموم في غاية الضعف؛ لأن هذا القياس يحتجُّ به عامةُ الفقهاء، وتلك العمومات يُخالف فيها كثيرٌ منهم، والاتفاقُ دليلُ قوة الدليل، كما أن الاختلاف مُشْعر بعدم ظهور قوّته.

الوجه الثامن عشر: استدراكٌ على قوله: «الإضرار يدور مع المفوت للمطلوب وجودًا وعدمًا، فيكون حقيقة».

أي: يكون المفوِّت للمطلوب حقيقةً للإضرار، وهذا ليس بجيِّد؛ لأن حقيقة اللفظ مُسَمَّاه ومعناه، ومسمَّى الإضرار ليس هو المفوت، وإنما هو التفويت.

الوجه التاسع عشر: أن دورانه معه كما أنه يدلُّ (٣) على أنه حقيقةٌ له فقد دلَّ على أنه علةٌ له، فإنَّ معنى الاسم يدورُ معه وجودًا وعدمًا، كدوران المحدود مع الحدِّ، والمعلولُ يدور مع العلة، فلماذا كان الدوران دليلًا على أنه حقيقة له ولِمَ (٤) لم يكن دليلًا على أنه علة له؟ فكان على هذا التقدير حقُّه أن يقال: فيكون المدار علة للدائر، فيكون المفوِّت للمطلوب علة للإضرار. والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إنما نفى الإضرار، ولم ينفِ علةَ الإضرار، فيجوز أن


(١) غير بيِّنة في الأصل، ولعلها ما أثبت.
(٢) الأصل: «الأشياء»!
(٣) الأصل: «يدلُّ على أنه يدل»!
(٤) الأصل: «ولو» ولعل الصواب ما أثبت.