للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وصفُه بأنه متَّبع بأولى من وصفه بأنه مخالف؛ ولأنَّ الرضوان حكم معلَّق باتباعهم فيكون الاتباع سببًا له؛ لأنَّ الحكمَ المعلَّق بما هو مُشْتَقٌ يقتضي أنَّ ما منه الاشتقاقُ سبب (١)، وإن (٢) كان اتباعُهُم سببًا للرضوان اقتضى الحكمَ في جميع موارده؛ إذ لا اختصاص للاتباع بحال دون حال؛ ولأنَّ الاتباع يُؤذِن بكون الإنسان تبعًا لغيره وفرعًا عليه، وأُصول الدين ليست كذلك، ولأنَّ الآيَة تضمَّنت الثناءَ عليهم وجَعْلهم أئمة لمن بعدهم، فلو لم يُفد إلا اتِّباعهم في أصول الدين والشرائع لم يكونوا أئمة في ذلك؛ لأنَّ ذلك معلوم مع قطع النظر عن اتباعهم.

وأما قوله (٣): الثناء على [ق ٢٩٥] من اتبعهم كلهم.

فنقول: الآية اقتضت الثناء كلَّه على من اتبع كلَّ واحدٍ واحدٍ منهم، كما أن قوله: {وَالسَّابِقُونَ}، وقوله: {وَالَّذِينَ} يقتضي حصول الرضوان لكلِّ واحدٍ واحدٍ من السابقين والذين اتبعوهم في قوله: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ} [التوبة: ١٠٠] فكذلك في قوله: {اتَّبَعُوهُمْ}؛ لأنَّ حُكم الاتباع عُلِّق عليهم في هذه الآية، فقد تناولهم مجموعِيْن ومُنفَرِدِين.

وأيضًا: فإن الأصل في الأحكام المعلَّقة بأسماء عامة ثبوتُها لكلِّ فرد فردٍ من تلك المُسَمَّيات، كقوله: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} [البقرة: ٤٣]، وقوله: {لَقَدْ


(١) الأصل: «سببًا»!
(٢) كذا بالأصل، و «الإعلام»: «وإذا»، وهي أحسن.
(٣) أي قول صاحب الاعتراض المتقدم. انظر (ص ٥٣٢).