للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دليلٌ حسن، كالاستدلال به في مسألة وجوب الوتر والأُضحية، أو مسألة قراءة الفاتحة، أو مسألة نقض الوضوء بمسِّ الذَّكَر، أو بالقَهْقَهَة، أو مسألة إيجاب الغُسْل على الكافر إذا أسلم، أو مسألة وجوب الكفَّارة على الحامل والمرضع، ونحو ذلك من المواضع التي يُنْفَى فيها وجوبُ أمرٍ من الأمور التي لم يُعْلَم قيامُ سبب الوجوب [لها].

أمَّا الاستدلال به في موضع سَلَّمَ المستدلُّ [فيه] قيامَ سببِ الوجوب؛ فهو قبيح، كالاستدلال [به] في نفي زكاة الحُلِيّ، أو نفي الزكاة على المدين، أو نفي الكفارة على المنفرد برؤية الهلال. وذلك أنه قد وقع الاتفاقُ على أنَّ الجماعَ في الجملة موجبٌ للكفارة، وأنَّ الذهبَ والفضةَ تجبُ فيهما الزكاة.

وإنما النافي يدَّعي أن حصولَ شُبهةِ الانفراد مانعةٌ من إيجاب الكفَّارة، وأنَّ صَرْفَ الذهب إلى استعمال مُباحٍ مانعٌ من الوجوب [ق ٣١٨] فلا يصحُّ استدلالُه على ذلك بالاستصحاب؛ لأن حكمَ الاستصحاب قد بَطَل بقيام هذا السبب، والمستدلُّ يستدعي قيامَ أمرٍ وجوديٍّ مَنَعَ ثبوتَ حُكْم السبب؛ فعليه بيانُه، وهكذا يجب القول (١) في كلِّ مسألةٍ فيها نفي الإيجاب: إن كان انتفاؤه لانتفاء السبب، فقد صلح الاستدلالُ باستصحاب الحال، وإن كان انتفاؤه لوجود مانعٍ يمنع السبب أو يمنع الحكم، فلا بدَّ من إثبات ذلك المانع الذي هو مستنده في نفس الأمر، فإنه لم يعتقد الانتفاء من استصحاب الحال. والمناظرةُ إظهار أدلة الحكم، فإذا لم يكن هذا دليلًا له لم يَجُز أن يلزمَ المعترض اتباعُه.


(١) الأصل: "يجيء القبول" والصواب ما أثبت.