قلنا: لا نسلِّم، فإن زكاةَ المال لا يُعرف لغةً، وإنما يعرف شرعًا، فإن لم يثبت من جهة الشرع أنَّ لهذا المال زكاةً امتنع أن يُراد أداء زكاةٍ فيه من هذا الخطاب.
واعلم أن اللفظ لو كان "في أموالكم زكاة" ونحو ذلك احتجنا إلى جواب آخر، وإنما أمر بأداء زكاة الأموال، والإضافة إلى المعرفة تقتضي التعريف، فلا بدَّ أن تكون زكاةُ الأموال معروفة، حتى ينصرفَ الخطابُ إليها. وسواءٌ أُريدَ الزكاة المعتادة أو جنس الزكاة فالاستدلال به موقوف على ثبوت هذا الاسم في حق الفقير، ولا سبيل إلى ذلك.
واعلم أنه يمكن إثباتُ التلازم بالقياس الصحيح، كما سنذكره إن شاء الله تعالى، وهو الذي يعتمد عليه في هذا [ق ٤] الباب. وعادةً هؤلاء يُثبِتونه بقياسٍ عام، كما أثبتوه بنصٍّ عام، وربَّما أثبتوه بالنصّ والقياس جميعًا، وبعضهم يقول: لا يُستدلُّ به مع وجودِ النصِّ، وهذا ليس بشيء، فإنه لو فرض وجود قياس يوافق مقتضى النص لم يمتنع الاستدلال به، فإن توارد الأدلة القوية والضعيفة على مدلولٍ واحدٍ ليس بممتنع، إنما القياس الباطل ما خالف مقتضى النصّ لا ما وافقه.
وربّما قال بعضهم: يجب الزكاة على هذا التقدير، وإلا يلزم تركُ العمل بالنصوص المعمول بها في إحدى الصورتين، والأقيسة المخصوصة بالصورتين، فإنه على هذا التقدير قد عمل بالنصوص في المدين، وبينه وبين الفقير جامعٌ يوجب اشتراكهما في الحكم.
وهذا أيضًا ليس بشيء، فإن هذه النصوص متروكة في هذه الصورة بالإجماع، ومتروكة في صورة النزاع عند المستدل، فهو تارك للعمل بها في