ظهرَ فسادُ كلامِه وبُطلانُ مَرامِه، ووضَحَ أن الذي قاله من نوع الهذيان. والمُنُوع قد تتعدَّدُ وقد تتحد، وقد يتوجهُ المنعُ على مقدمةٍ على أحدِ التقديرين، وعلى الأخرى على التقدير الآخر.
الثاني: المعارضة ببيان أن تلك الأدلة تدلُّ على نقيض المدعى حسب دلالتها على المدعى، وذلك لقلب التلازم والاستدلال بها عليه كما تقدم، وهنا يمكن المعارضةُ بملازماتٍ كثيرة.
الثالث: المعارضة بما ينفي التلازم أو بما يناقضه من جنس النكت التي (١) استدل بها على ثبوته. والفرق بين هذا وبين الذي قبله أن تلك معارضةٌ بعين النكتة، وهنا معارضةٌ بجنسها.
الرابع: المعارضة بدليلٍ صحيح يدلُّ على عدم التلازم، وهو دليلٌ مستقلٌ في نفسه.
وفي كل مقام من هذه المقامات قد تتوجَّهُ أسوِلةٌ كثيرة لا تنضبط إلا بحسب المواد، ومع هذا فالمعترض في مقام منع مقدمة التلازم والمعارضة فيها، فإذا انتقل إلى المعارضة في نفس الحكم المتنازَع فيه بما يدلُّ على نفيه فله حنيئذٍ أن يذكر من جنس أدلة المستدلّ ومن غير جنسها ما شاءَ. [ق ١٥] فالأولُ إبطالٌ للدليل، وهذا إبطالٌ لحكم الدليل.
ومتى عرفتَ هذا تبيَّنَ لك فسادُ جميع هذا الباب، وأمكنكَ إبطالُ نكتِ هؤلاء المتلبسينَ بأدنى شيء، وعلمتَ أن العاقلَ لا يَرضاهَا البتَّةَ ولا يستحسنُ ولا يستحلُّ الكلام بمثلها.