للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله عز وجل: وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ، يعني: على قرية فيما مضى أَهْلَكْناها بالعذاب في الدنيا، أَنَّهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ إلى الدنيا، قرأ حمزة والكسائي وعاصم في رواية أبي بكر وحرم على قرية بكسر الحاء وبغير ألف. وقرأ الباقون وَحَرامٌ بنصب الحاء والألف.

وَحُرْمٌ وَحَرَامٌ بمعنى واحد، كقوله: حلّ وحلال، وروي عن عكرمة، عن ابن عباس أنه كان يقرأ وَحَرَّمَ وقال: واجب عليهم أن لا يرجع منهم راجع، ويقال: معناه وحرام على أهل قرية أهلكناها أن يتقبل منهم عمل، لأنهم لا يَرْجِعُونَ أي: لا يتوبون ويقال: لاَ يَرْجِعُونَ لا زيادة ومعناه: حرام عليهم أن يرجعوا.

ثم قال عز وجل: حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ، قرأ ابن عامر فُتِحَتْ بالتشديد على معنى المبالغة والتكثير، وقرأ الباقون بالتخفيف، وقرأ عاصم يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ بالهمز والباقون كلاهما بغير همز. وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ، قال مقاتل: يعني، من كل مكان يخرجون، من كل جبل أو أرض أو واد، وخروجهم عند قيام الساعة. وقال عبد الله بن سلام رضي الله عنه: لا يموت واحد منهم إلا ترك من صلبه ألف ذرية فصاعداً. وروى قتادة، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهم أنه قال: «الإنس عشرة أجزاء منهم يأجوج ومأجوج تسعة أجزاء، وجزء واحد سائر الإنس» .

وروى سفيان، عن سلمة بن كهيل، عن أبي الزبعرى، عن عبد الله بن مسعود قال:

«يَخْرُجُ يَأْجُوجُ ومأجوج بعد الدجال، يموجون في الأرض فيفسدون فيها، ثم قرأ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ، أي: يخرجون، فيبعث الله تعالى عليهم دابة مثل هذا النغف، فتلج في أسماعهم ومناخرهم فيموتون، فتنتن الأرض، فيرسل الله عز وجل ماء فيطهّر الأرض منهم، فذلك قوله عز وجل: إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ، يعني: أرسلت كقوله: لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ [الأعراف: ٩٦] ، يعني: أرسلنا وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ، أي من كل أكمة ونشزة من الأرض يخرجون، وقال بعضهم: يكون خروجهم قبل الدجال. والأصح ما روي عن عبد الله بن مسعود.

قوله عز وجل: وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ، يعني: قيام الساعة. فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يا وَيْلَنا، يعني: يقولون: يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ يعني: في جهل مِنْ هذا اليوم. ثم ذكروا أن المرسلين كانوا أخبروهم، فقالوا: بَلْ كُنَّا ظالِمِينَ، يعني: قد أخبرونا فكذبناهم.

قوله عز وجل: إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ وروي عن علي بن أبي

<<  <  ج: ص:  >  >>