للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يمنعكم من عذاب الله تعالى إن عصيتموه. إِنِ الْكافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ يعني: ما الكافرون إلا في خداع وأباطيل. ثم قال عز وجل: أَمَّنْ هذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ يعني: من الذي يرزقكم إن حبس الله رزقه؟ وهذا كقوله: هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ [فاطر: ٣] ؟ ثم قال: بَلْ لَجُّوا يعني: تمادوا في الذنب. ويقال: تمادوا في الكفر. ويقال:

بل مضوا فِي عُتُوٍّ يعني: في تكبر وَنُفُورٍ يعني: تباعداً من الإيمان.

ثم قال عز وجل: أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ يعني: الكافر يمشي ضالاً في الظلمة أعمى القلب. أَهْدى يعني: هو أصوب دينا. أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ هو المؤمن يعمل بطاعة الله يعني: على دين الإسلام. وقال قتادة: أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ، قال: هو الكافر عمل بمعصية الله، يحشره الله تعالى يوم القيامة على وجهه أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ، هو المؤمن يعمل بطاعة الله تعالى، يسلك به يوم القيامة طريق الجنة. وقال الزجاج: أعلم الله تعالى أن المؤمن يسلك الطريق المستقيم، وإن كان الكافر في ضلال بمنزلة الذي يمشي مكباً على وجهه. قال مقاتل: نزلت في شأن أبي جهل وقال بعضهم: هو وجميع الكفار.

ثم قال: قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ يعني: خلقكم وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ لكي تسمعوا بها الحق، وَالْأَبْصارَ يعني: لكي تبصروا، وَالْأَفْئِدَةَ يعني: القلوب لكي تعقلوا بها الهدى.

قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ يعني: شكركم فيما صنع إليكم قليلاً. ويقال: معناه خلق لَكُمُ السمع والابصار والافئدة آلة لطاعات ربكم، وقطعاً لحجتكم، وقدرة على ما أمركم فاستعملتم الآلات في طاعة غيره ولم توحدوه.

ثم قال عز وجل: قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ يعني: خلقكم. ويقال: كثركم في الأرض، وأنزلكم في الأرض. وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ يعني: إليه ترجعون بعد الموت، فيجازيكم بأعمالكم.

قوله تعالى: وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ يعني: البعث بعد الموت إن كنتم صادقين أنَّا نبعث، خاطبوا به النبيّ صلّى الله عليه وسلم بلفظ الجماعة. ويقال: أراد به النبيّ صلّى الله عليه وسلم وأصحابه. قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ يعني: علم قيام الساعة عند الله. وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ يعني: مخوف أخوفكم بلغة تعرفونها.

قوله تعالى: فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ يعني: لما رأوا العذاب قريباً. ويقال: لما رأوا القيامة قريبة وسيئت وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا يعني: ذللت، ويقال: قبحت وسودت. وقال القتبي: فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً يعني: لما رأوا ما وعدهم الله قريباً منهم وقال الزجاج: سِيئَتْ أي: تبيَّن فيها السوء فى وجوه الذين كفروا. وَقِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ، أي: تشكون

<<  <  ج: ص:  >  >>