في الدنيا قرأ قتادة، والضحاك، ويعقوب الحضرمي: تَدْعُونَ بالتخفيف يعني: تستعجلون، وتدعون إليه في قولكم: فأمطر علينا حجارة من السماء، وقراءة العامة تَدَّعُونَ بالتشديد يعني: تكذبون. ويقال: من أجله تَدَّعُونَ الأباطيل يعني: تدعون أنكم إذا متم وكنتم تراباً وعظاماً، لا ترجعون ولا تجازون. ويقال: تَدَّعُونَ أي: تتمنون.
قوله تعالى: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ يعني: إن عذبنا الله أَوْ رَحِمَنا يعني: غفر لنا. فَمَنْ يُجِيرُ الْكافِرِينَ يعني: من ينجيهم ويغيثهم مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ يعني:
إن النبيّ صلّى الله عليه وسلم قال لهم:«نَحْنُ مُؤْمِنُونَ بالله، وَنَتَوَسَّلُ بِعِبَادَتِهِ إلَيهِ، لاَ نَأْمَنُ عَذَابَهُ عَلَى مَعْصِيَتِهِ، فَكَيْفَ تُؤْمِنُونَ مَعَ كُفْرِكُم بِهِ مِنْ عَذَابِهِ وَعُقُوبَتِهِ؟» فمن يجير الكافرين من عذاب أليم؟ قُلْ هُوَ الرَّحْمنُ آمَنَّا بِهِ يعني: قل هو الرحمن بفضله، إن شاء عذبنا، وإن شاء رحمنا. وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنا يعني: فوضنا إليه أمورنا. فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ يعني: فستعرفون، عند نزول العذاب، من هو في خطأ بيِّن. قرأ الكسائي: فَسَيَعْلَمُونَ بالياء بلفظ الخبر، والباقون بالتاء على معنى المخاطبة يعني: سوف تعلمون يا كفار مكة.
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً يعني: إن صار ماؤكم غائراً، لا تناله الأيدي ولا الدعاء. فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ يعني: بماء طاهر. والغور والغائر، يقال: ماء غور. ومياه غور وهو مصدر لا يثنى ولا يجمع. وقال مجاهد: بِماءٍ مَعِينٍ يعني: جار. وروى عكرمة، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- يعني: الطاهر. وروى أبو هريرة، عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم قال:
وروى زر بن حبيش، عن عبد الله بن مسعود قال: يؤتى بالرجل في قبره من قبل رأسه، فيقول له: ليس لكم علي من سبيل. قد كان يقرأ على سورة الملك، فيؤتى من قبل رجليه، فيقول: ليس لك علي سبيل. كان يقوم بسورة الملك، فيؤتى من قبل جوفه، فيقول: ليس لك علي سبيل. قد أوعاني سورة الملك، قال: وهي المنجية تنجي صاحبها من عذاب القبر.
وروى ابن الزبير، عن جابر قال: كان النبيّ صلّى الله عليه وسلم لا ينام حتى يقرأ سورة الم تَنْزِيلُ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ وتَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ والله أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.