للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُ ضَمَّهُمَا إِلَى الرَّجُلِ الَّذِى فِي يَدِهِ السَّعَةُ، فَنَالَا مِنْ فَضْلَةِ طَعَامِهِ، وكَانَ ضَمَّ إِلَى زَوْجِ أُخْتِى رَجُلَيْنِ، فَلَمَّا قَرَعْتُ الْبَابَ قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قُلْتُ: عُمَرُ: وَقَدْ كَانُوا يَقْرَأُونَ كِتَابًا فِى أَيْدِيهِمْ، فَلَمَّا سَمِعُوا صَوْتِى قَامُوا حَتَّى اخْتَبَأُوا فِي مَكَانٍ وَتَرَكُوا الكِتَابِ، فَلَمَّا فَتَحَتْ لِى أُخْتِي الْبَابَ قُلْتُ: أَيَا عَدُوَّةَ نِفْسِهَا: صَبَوْتِ؟ وَأَرْفَعُ شَيْئًا فَأَضْرِبُ بِهِ عَلَى رَأسِهَا، فَبَكَتِ الْمَرْأَةُ وَقَالَتْ لِي: يَا بْنَ الْخَطَّابِ! اصْنَعْ مَا كُنْتَ صَانِعًا فَقَدْ أَسْلَمْتُ، فَذَهَبْتُ فَجَلَسْتُ عَلَى السَّرِير فَإِذَا بِصَحِيفَةٍ وَسَطَ الْبَيْتِ، فَقُلْتُ: مَا هَذِهِ الصَّحِيفَةُ؟ فَقالَتْ: دَعْهَا عَنْكَ يَا بْنَ الْخَطَّابِ فَإِنَّكَ لَا تَغْتَسِلُ مِنَ الْجَنابَةِ وَلَا تَتَطَهَّرُ، وَهَذَا لَا يَمَسُّهُ إلَّا الْمُطَهَّرُونَ، فَمَا زِلْتُ بِهَا حَتَّى أعْطَتْنِيهَا فَإِذَا فِيهَا: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} فَلَمَّا مررتُ باسم اللهِ ذعرت منه، فاتقيت الصحيفةَ، ثمَّ رجعَتُ إلَيَّ نَفْسِى فَتناولتها فإذَا فيهَا: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} فَبَلَغْتُها حتَّى بَلَغْتُ: {آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} إِلَى آخِرِ الآيةِ، فَقُلْتُ: أَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَخَرَجَ الْقَوْمُ مُبَادِرِينَ فَكَبَّرُوا وَاسْتَبْشَرُوا بِذَلِكَ وَقَالُوا لِي: أَبْشِرْ يَا بْنَ الْخَطَّابِ: فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - دَعَا يوْمَ الاثْنَيْنِ فَقالَ: الَّلهُمَّ أَعِزَّ الدِّينَ بِأَحَبِّ الرَّجُلَيْنِ إِلَيْكَ: عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَوْ أَبِى جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ، وَإِنَّا نَرْجُو أَنْ تَكُونَ دَعْوَةَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَيْنَ هُوَ؟ فَلَمَّا عَرَفُوا لصِّدْقَ دَلُّونِي عَلَيْهِ فِي الْمَنْزِلِ الَّذِي هُوَ فِيهِ، فَخَرَجْتُ حَتَّى قَرَعْتُ الْبَابَ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ قُلْتُ: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَقَدْ عَلِمُوا شِدَّتِى عَلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلَمْ يَعْلَمُوا بِإِسْلَامِى، فَمَا اجْتَرأَ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَنْ يَفْتَحَ لِي حَتَّى قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - افْتَحُوا لَهُ فِإِنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا يَهْدِهِ، فَفُتِحَ لِيَ الْبَابُ، فَأَخَذَ رَجُلانِ بِعَضُدِى حَتَّى دَنَوْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: أَرْسلوهُ، فَأَرْسَلُونِي، فَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَأَخَذَ بِمَجَامِعِ قَمِيصِى ثُمَّ قَالَ: أَسْلِمْ يَا بنَ الْخَطَّابِ، الَّلهُمَّ اهْدِهِ؛ فَقُلْتُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّكَ رَسُولُ اللهِ، فَكَبَّرَ المُسْلِمُونَ تَكْبِيرَةً سُمِعَتْ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ، وَقَدْ كَانُوا سَبْعِينَ قَبْلَ ذَلِكَ، فَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا أَسْلَمَ فَعَلِمَ بِهِ النَّاسُ يَضْرِبُونَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>