للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنَا في حلٍّ إن نلتُ منك أو قُلتُ شيئًا، فَأذِنَ لَهُ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقول ما شاء فأتى امرأته (حين) قدم فقال: اجمعى ما كانَ عندك فإنى أريدُ أن أشترىَ مِن غَنَائِم محمد وأصحابه فإنَّهمْ قد (استبيحوا)، أو أصيب (وأصيبت) أموالهم وفَشَا ذلكَ بمكةَ فانقمع (*) المسلمون وأظهرَ المشركون فرحًا وسرورًا وبلغَ الخبرُ العباسَ بنَ عبد المطلب (فعقر) وجعل لا يستطيع أن يقوم، ثم أرسلَ غلامًا إلى الحجاج بن علاط ويلك (وتلك) ماذا جئت به؟ وماذا تقولُ؟ فما وعدَ الله عَزَّ وجَلَّ خَيْرٌ مما جئتَ بهِ. فقالَ الحجاجُ: اقرأ على أَبي الفضلِ السلامَ وقُلْ لهُ فليخْلُ لى (فليخل بى) في بعض بيوته لآتيه فإنَّ الخبرَ على ما يَسرُّه فجاءَه علامه (غلامه) فلما بلغ البابَ قالَ: أبشر يا أبا الفضل فوثب العباس فرِحًا حتى قبَّل بين عينيه فأخبرَهُ بما قالَ الحجاجُ فأعتقه، ثم جاه (جاءه) الحجاجُ فأخبرَهُ أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قد افتتح خيبرَ وغَنِمَ أمْوَالَهم وجرت سهامُ الله فِى أمْوَالِهم واصْطَفى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - صفية بنت حبر (حُيىٍّ) واتخذَها لِنفسه، وخيَّرَها بين أن يَعتقَها وتكونَ زوجةً، أو تلحقَ بِأهْلِهَا، فاخْتارت أَنْ يَعتقَها وتكونَ زوجةً، ولكنْ جيت (جئت) لِمالٍ كَانَ لِى هَاهُنَا أَرَدْتُ أن أَجمعَهُ فاذهبْ بِه فاستأذنتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأذِنَ لِى أنْ أقولَ مَا شِئْت فأحَقَ (فاخَفَ) عليَّ ثلاثًا ثم اذكر ما بدا لك، فجمعت امرأتُه مَا كانَ عِندها من حُليٍّ أو متاعٍ فدفعته إليه ثم انشمر (* *) به فلمَّا كانَ بعدَ ثلاثٍ أتى العباسَ امرأةَ الحجَّاج فقال: ما فعلَ زوجُكِ؟ فأخبرته أنَّه قد ذهبَ يوم كذَا وكذَا وقالت: لا يخزيك (لا يحزيك) الله يا أبَا الفضلِ لقد شَقَّ عَلَيْنَا الذى بلغَك، قالَ: أجل لا يخزنى (لا يخزينى) الله ولم يكن يحمد الله إلا ما أحببنا (ما أحيينا) فتحَ الله خيبرَ علَى رسولِ الله، واصطفى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صفية لِنَفْسه، وإنْ كانَ لك حاجة في زوجك فالحقى به قالت: أظنُّكَ والله صَادِقًا. قالَ: فإني والله صادِقٌ والأمرُ على ما أخبرتك ثم ذهبَ حتى


(*) انقمع: قمعه، وأقمعه: أى قهره وأذله، فانقمع.
(* *) انشمر: انشمر للأمر: أى تهيأ له وتشمر مثله.

<<  <  ج: ص:  >  >>