للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَصْلِح بَيْنَ النَّاسِ، فَضَرَب بِإِحْدَى يَدَيْهِ عَلى الأُخْرَى وَقَالَ: قَد أجَرتُ الناس بَعْضَهُمْ مِنْ بْعضٍ، ثُمَّ ذَهَبَ حَتَّى قَدِمَ عَلَى أَهْل مكَّة فَأَخَبرهُم بِمَا صَنَع، فَقَالُوا: واللَّهِ مَا رَأَينا كَاليَومِ وَافدَ قَوْمٍ، وَاللَّه مَا أَتَيْتَنا بِحَربٍ فنَحَذر، وَلَا أَتَيْتَنَا بُصِلْحٍ فنأمن ارجع قال: وَقدمَ وافد خُزَاعَة عَلَى رسُول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فَأَخْبَرهُم بِما صَنَع القَومُ، وَدَعَا إِلَى النَّصر، وَأَنْشَدَهُ فِى ذَلِكَ شِعْرًا:

اللَّهم إِنِّى نَاشِدٌ مُحَمَّدًا ... حِلف أبِيهِ وأَبِينَا الأَتْلَدَا

فَأَمَر رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بالرَّحِيلِ فارْتَحلُوا، فَسَارُوا حَتَّى نَزلُوا (مَرًا) وَجَاءَ أبُو سُفْيَان حَتَّى نَزَلَ بِمَرٍّ (*) لَيْلًا، فَرأَى العَسكَر والنِّيران فَقَالَ: مَا هَؤُلَاءِ؟ قِيلَ: هَذِه تميم محلت (* *) بِلادُهَا (* * *) وانتَجعَت بِلَادكُم، قَالَ: واللَّهِ لهؤلَاء أكثْر مِنْ أَهْل مِنًى، فلما عَلِمَ أنَّه النَّبِىّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَالَ: دُلُّونِى عَلَى العَبَّاس، فَأَتَى العَبَّاس فَأخْبَره الخَبَر، وَذَهَبَ بِهِ إِلَى رَسُول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وَرَسُول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فِى قُبَّةٍ لَهُ، فَقَالَ: يَا أَبَا سُفْيَان! أَسْلِم تَسْلَم فَأَسْلَم أَبُو سُفْيَان وَذَهَب الناس إِلَى مَنْزِلهِ، فَلَمَّا أَصْبَحُوا ثَار النَّاسُ لِطُهُورِهم، فَقَالَ أَبُو سُفْيَان: يَا أَبَا الفَضْلِ! مَا للِنَّاسِ أُمِروا بِشَىْءٍ؟ قَالَ: لَا، وَلكِنَّهم قَامُوا إِلَى الصَّلَاة، فَأَمَرهُ العَبَّاس فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ ذَهَبَ بِهِ إِلَى رسُولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فَلَمَّا دَخَلَ رسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- الصَّلَاة


(*) بمر: مر وزان فلس: موضع بقرب مكة من جهة الشام نحو مرحله المصباح جـ ٢ ص ٧٨٠.
(* *) محلت: المحل: الجدب وهو انقطاع المطر ويبس الأَرض من الكلأ المختار ص ٤٨٨.
(* * *) انتجعت: النُّجعة: طلب الكلأ في موضعه المختار ص ٥١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>