للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَبَّر وكَبَّر النَّاسُ، ثُمَّ ركَعَ فركَعُوا، تم رَفَعَ فَرفَعُوا، فَقَالَ أَبُو سُفْيَان: مَا رَأَيْت كَاليَوم طَاعَةَ قَوْمٍ جَمَعَهُم مِن هاهنا وَمِن هاهنا، ولَا فَارِس الأَكارم، وَلَا الرُّوم ذَات القُرُون بِأَطوَع مِنْهُم لَهُ، قَالَ أَبُو سُفْيَان: يَا أبَا الفَضْل: أَصْبَح ابن أَخِيكَ وَاللَّهِ عَظِيمَ الملكِ، فَقَالَ له العَبَّاس: إِنَّه لَيْسَ بِمَلِكٍ وَلَكِنَّهَا نُبُوَّةٌ قال: أو ذاك أو ذاك قَالَ أَبُو سُفْيَان: وَاصَبَاح قُرَيش، فَقَالَ العَبَّاس: يَا رَسُول اللَّه! لَوْ أَذِنْتَ لِى فَأَتَيْتهم فَدَعَوتهُم وَأَمَّنْتُهُمْ وَجَعَلت لأَبى سُفْيَان شَيْئًا يذكرُ بِهِ، فَانْطَلَق الْعَبَّاسُ فَركِب بَغْلَةَ رَسُولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الشَّهْبَاءَ -، فَانْطَلَق فَقَالَ رسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: ردوا على أَبى، ردوا على أَبى، فإِنَ عَمَّ الرَّجُلِ صِنْو أَبِيهِ، إِنِّى أَخَافُ أَنْ تَفْعَلَ بِه قُرَيشٌ مَا فَعَلت ثَقِيف بِعُرَوة بن مَسْعُود، دَعَاهُم إِلى اللَّهِ -تَعَالَى- فَقَتَلُوه، أَمَا واللَّه لئن ركبُوها منه لأُضرمَّنها عَلَيهم نَارًا، فَانْطَلَق العَبَّاس حَتَّى أتَى مكَّة فَقَالَ: يَا أَهْل مكَّة! أسْلِموا تَسلمُوا، قَدِ اسْتَبْطَنتم بأشهب باذل، وقْد كَانَ رسُول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بَعَثَ الزُّبير مِنْ قِبَلِ أَعلى مكَّة، وبَعَثَ خَالِد بن الوَلِيد مِنْ قَبل أَسْفَل مكَّة، فَقَالَ لهم العبَاس: هَذَا الزُّبَيْر مِنْ قِبَل أَعلَى مكَّة وَهَذَا خَالِدٌ مِنْ قِبَل أَسْفل مَكَّة، وَخَالِد وَمَا خَالِدٌ، وَخُزَاعَةُ المجَدَّعَةُ الأَنُوفِ، ثُمَّ قَالَ: مَنْ أَلقْى السِّلَاح فَهُو أمِنٌ، ثُمَّ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فتراموا بِشَئ مِنَ النَّبْل، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- ظَهَرَ عَلَيْهم فَأَمَّنَ النَّاسَ إِلَّا خُزَاعَةَ مِنْ بَنِى بَكْر، فَذَكَر أَرْبَعة: مقيس بن صَبَابَةَ، وَعَبد اللَّه بن أَبى سرح، وابن خطَل، وَسَارة مَولاة بَنى هَاشم، فقاتلهم خُزَاعة إلَى نِصْفِ النَّهارِ، فَأنْزَل اللَّه -تَعَالَى- {أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ} إلى آخر الآية".

<<  <  ج: ص:  >  >>