بطلانِه، وجَعْلُ المطلوب مقدمةً في الدليل هو المصادرةُ على المطلوب، وهو من أفسد أنواع الشَّغَبِ والجدل الباطل، لأنّ المصادرات هي المبادئ التي تَصْدُر في العلوم، فتكون إمّا بديهيَّةً أو مسلَّمةً أو مدلولًا عليها في علمٍ آخر، فإذا جعلتَ المطلوبَ مصدرًا في إثبات نفسِه كُنتَ قد جعلتَ الدليلَ نفسَ المدلول، والمعلومَ نفسَ المجهول، والموجِبَ نفسَ المُوجَبِ، وفي هذا ما فيه.
أو بأن يُثبِتَ أن تقدير الملزوم لا يُنافي قيام المانع للوجوب على الفقير، وهذا إذا بيَّنَه بطريقه كان كلامًا صحيحًا في الجملة، وهو مقبول.
وإن قال: تقدير الملزوم جائزٌ لوقوع الخلاف فيه، والدليلُ دالٌّ على كلّ تقدير جائزٍ.
قيل: لا نُسلِّم أن الدليل يدلُّ على كل تقديرٍ جائزٍ، بل على كلِّ تقديرٍ لا يُنافيه، ولو سلَّمنا أنه يدلُّ على تقدير جائز، لكن لا نُسلِّم أنه جائز، لأن الجواز لفظٌ مشتركٌ، وهذا عندنا غيرُ جائزٍ بأحد المعاني. وسيأتي إن شاء الله تعالى تحقيق الكلام في هذا في الاستصحاب (١).
وهذا الذي ذكرناه قد تضمنَ بيانَ قولِ المستدلّ:"لا نُسلِّم أن المانعَ يتحقق على ما ذكرنا من التقدير"، وهو منعٌ صحيح، وله أن يُوَجِّهه، ولا اعتراض عليه إلا أن يُبيِّنَ أن نفس تلك الأدلة توجب الزكاة على ذلك التقدير، وهذا لا سبيلَ إليه إلا ببيان تصريحها بذلك التقدير، لعدم المنافاة بين عدم الوجوب على الفقير وبين الوجوب على المدين، وهذا إذا فعله