للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غيرَ واقعٍ لم يلزم من كون المانع مانعًا في الواقع أن يكون مانعًا على تقدير غير واقع، وذلك لأن التقدير المحال يجوز أن يلزمه اللازم المحال، كقوله: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: ٢٢]، [ق ٢١] وتقدير وجوبها على المدين محالٌ لما مرَّ، فيلزم منه أن لا يكون المانع واقعًا في الواقع، وهذا محال، وإنما لزمَ ذلك حين فرضنا وجوبَها على المدين، وهو محال لما بيَّنه المستدل. فتَفطَّنْ لهذا، فإن به تَنحلُّ مثلُ هذه الأغاليط.

وبيان ذلك أن وجوبها على الفقير، فيستلزم وجوبها على الفقير (١)، يستلزم رفعَ الأمر الواقع، وهو المانع من وجوبها عليه، وهذا محال فذاك محال. وبهذا يتبيَّن أن المانع ليس بمانع على تقدير وجوبها على المدين، وأنه إن كان واقعًا في الواقع لا يمتنع أن يُفرَض عدمُ وقوعِه على تقدير غير واقع بل محالٍ باطلٍ.

فإن قال: لا نُسلِّم أن هذا التقدير غير واقع، أو أنا أقيم الدليل على أن هذا التقدير واقعٌ.

قلنا: قد مرَّ التلازم الدالُّ على عدم وقوع هذا التقدير، فلا يُسمع منك إقامة الدليل في ضمن الممانعة على خلافه، لأنه غَصْبٌ أو أردأ من الغَصب.

فإن قيل: لا يمكن المستدلَّ أن يمنع الوجوب في نفس الأمر بالمانع في نفس الأمر كما ذكرتم مع منعِه كونَ المانع مانعًا على ذلك التقدير، لأنه يجوز أن يكون المانع على ذلك التقدير إنما انتفى لانتفاءِ المانع في الواقع،


(١) كذا في الأصل، ولعل الصواب حذف عبارة "فيستلزم وجوبها على الفقير" وكأنها تكرار.