للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذلك بأن يكون انتفاء المانع المستمر على التقدير منافيًا للمانع الواقع ومضادًّا له، فلا يَصحُّ الجمع بين انتفاء المانع المستمر وبين المانع الواقع.

قلنا: هذا الجائزُ معارَضٌ بمثله، فإنه يمكن أن لا يكون المانع الواقع منافيًا لعدم المانع المستمر، بل يكون المانع الواقع مانعًا في نفس الأمر، وليس هناك مانعٌ مستمرٌّ على التقدير، وإذا كان كل واحدٍ من الأمرين جائزًا احتاج المعترضُ أن يبين ثبوتَ أحد الأمرين، وإن كان المانع مانعًا (١) على ذلك التقدير وأنه مستمر، وحينئذٍ فلا بدَّ له إذا استصحب الواقع أن يبيِّن أن هذا التقدير لا ينافي قيامَ المانع من الوجوب على الفقير، فيبيِّن أن ما يمنع الوجوب على الفقير لا يمنع الوجوبَ على المدين، كما بيَّن المستدلُّ أن ما يُوجب على المدين يوجب على الفقير. وإذا بيَّن ذلك بطريقه الفقهي كان كلامًا مسموعًا، وأمّا بمجرد استصحاب الواقع مع جواز منافاة التقدير وعدم منافاته ففيه نظرٌ. وتمامُ الكلام في هذا يأتي إن شاء الله في الاستصحاب.

الثالث: لا نسلِّم أن المانع المستمر واقعٌ في الواقع.

قوله: "لو لم يكن واقعًا لوجبت الزكاة على الفقير عملًا بالمقتضي السالم عن المعارض".

قلنا: لا نُسلِّم أن ههنا ما يقتضي وجوب الزكاة على الفقير، ولم يذكر دليلًا على ذلك، وإنما أخذه مسلَّمًا وهو غير مسلَّم، وذلك لأن انتفاء الزكاة عن الفقير لعدم المقتضي، وهو مِلك النصاب الزكويّ، لا لوجود مانعٍ [ق ٢٢] من الوجوب. وقد تقدم بيان ذلك.


(١) الأصل: "مانع".