للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلنا: لا يلزم من عدم كونِ المشترك بين الوجوبَيْن علة (١)، عدمُ كون المشترك بين الصورتين علة؛ لأن الوجوبَيْن عند المدَّعي لا حقيقة لهما، فالمشترك بينهما أمرٌ عَدَميّ، فلا يلزمُ من عدمِ إيجابِ عدمِ الوجوبَيْن، عدمُ إيجابِ الحُكْمَين العَدَمِيَّيْنِ لأمرٍ وجوديّ، [أو] عدمُ إيجابِ الصُّورتين الوجوديَّتَين لأمرٍ وجوديّ.

أو يُقال: عدمُ الوجوب في الجوهر مستَنِدٌ إلى عدم علَّةِ الوجوب، أو علة عدم الوجوب، وهو دليل على هذا المستند دلالةَ المعلولِ على علته، والمشتركُ بين الوجوبَيْن جزءٌ من الوجوبَين، وذلك يمنع أن يكون علة للوجوب لذاته، فإنَّ جزءَ الشيءِ لا يكون علةً لوجوده، وإذا كان هذا ممتنعًا في نفسه لم يكن امتناعُه مدلولًا عليه بعدمِ الوجوب؛ لأن الدليل أن يفيدَ العلمُ به العلمَ بالمدلولِ، وهنا عدمُ كونِ المشترك بين الوجوبَين علةً أمرٌ ثابتٌ، لا يستفاد من عدم الوجوب.

وهذه مناقشةٌ لفظيَّةٌ؛ إذ كان حقُّه أن يقول: المشترك بين الصورتين [ق ١٦٥]، ومثل هذا يَرِدُ عليه في قوله: المشترك بين المقدِّمتَين، فإن العلة اقتضاءً ومنعًا لا تكون من نفس الوجوب وعدم الوجوب، وإنما تكونُ من نفسِ الصورتين وجودًا وعدمًا، وهذا ظاهر.

الوجه السابع: سَلَّمنا أن المشترك بين الوجوبَين (٢) لا يكون علةً، ولا يلزم من نفي عِلَّيَّة المشترك نفي عِلِّيَّة المختصّ بالأصل، والعلةُ عندنا هي المختصُّ بالأصل، وليس في نفي كون المشترك بين الوجوبَين علةً للوجوب


(١) جملة «عدم كون المشترك بين الوجوبين علة» تكررت في الأصل مرتين.
(٢) في الأصل: «الوجودين» في هذا الموضع والذي يليه، والصواب ما أثبت.