للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نفيه بالأصل حينئذٍ؛ لتردد الأصل بين أن يكون دليلًا أو لا يكون، حتى يتبيَّن أنَّ ذلك التقدير ليس بموجب لثبوت ما دلَّ الأصل على عدمه، ولا يمكن ذلك هنا؛ لأن ذلك التقدير يوجب ثبوتَ علَّةٍ يجوز أن تكون هي المشترك، ويجوز أن تكون هي المشترك والمختصّ، ويجوز أن تكون هي المختصّ (١)، ويجوز أن تكون مركَّبة من المشترك والمختص، ويجوز أن تكون بعض المشترك، ويجوز أن [ق ١٧٢] تكون بعض المختص.

فإذا كان التقديرُ يوجبُ بعضَ هذه الأمور لم يَجُز تعيينُ واحدٍ منها بالنفي بالأصل، دون الآخر؛ لأن ذلك تحكُّمٌ يقابَلُ بمثِله، وترجيحٌ من غير مرجِّح، وهو غير جائز.

السابع: أن يُعارض فيقال: لو وجبت الزكاةُ لكانت العلة محقَّقَة، ولكانت هي المختصّ بالحليِّ من كونه مالًا ناميًا، أو من جنسِ النقدين؛ لأن هذه علَّةٌ منصوصة بقوله: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} [التوبة: ٣٤]، وبقوله - صلى الله عليه وسلم -: «ما مِن صاحِب ذهَبٍ ولا فِضَّةٍ لا يُؤدِّي زَكَاتَها ... » (٢) الحديث.

أو يقال: لا يجوز أن يكون المشترك علَّةً؛ لأن المشترك كونُه متحلٍّى به، وهذا المعنى لا يصلح أن يضافَ إليه الوجوب، بل إضافة الوجوب إليه تعليق على العلة ضدَّ مقتضاها؛ لأن التحلِّي به هو استعمال له في أمرٍ مباح، وذلك بكونه مانعًا من الوجوب أشبه منه بكونه مقتضيًا.


(١) تكررت في الأصل عبارة: «ويجوز أن تكون هي المشترك، ويجوز أن تكون هي المشترك والمختص».
(٢) أخرجه مسلم (٩٨٧) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.