للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإنهم يسمونه كسرًا، ومبناه: على أن يحذف المعترضُ لفظًا من الجامع ببيان عدم تأثيره، ثم يبين انتقاض العِلَّة بدونه.

مثال ذلك: إذا قال: مالٌ من جنس الأثمان بلغ نصابًا فوجبت الزكاة فيه كالمضروب، فهذا لا ينتقض بالحلية الجوهرية؛ لأنها ليست من جنس الأثمان، ولم يتخلَّف الحكمُ عند المستدلِّ في صورة من الصور، فإن أراد إيراد الكسر على وقوع تعسف قال: قولك: «من جنس الأثمان» لا أثرَ له لوجوب الزكاة في الماشية (١)، يبقى قولك: «مال بلغ نصابًا»، وهذا منتقضٌ بالحِلْية الجوهرية. أو يقول ابتداء: هذا ينكسر باللآلئ والجواهر، على أنه لا فرق بين كسره بالحلية الجوهرية وبسائر الأموال غير الزكوية، فلا وجه لتخصيصه باللآلئ والجواهر.

على أن جوابَ هذا أن يقال: ما ذكرتَه من العلة فقد دلَّ عليها إيماءُ الشارع، بل نصُّه، ودلت عليها المناسبة. وثبوت الحكم بدونها لعلةٍ أخرى، وهو أنَّ كلَّ من ملك النصاب من جنس الأثمان ومن الماشية ومن عروض التجارة موجبٌ للزكاة، فتكون العلةُ غيرَ منعكسة، والعكسُ غيرُ واجب لجواز تعليل الحكم الواحد بالنوع بعللٍ متعددة.

إذا علمتَ هذا تبيَّن لك أن النقض في هذا المثال [ق ١٧٩] المذكور لا يَرِدُ على قياس صحيح، وإنَّما صورةُ ورود النقضِ أن يقيس القائس بجامع جُملي (٢)، كما تقدَّم ذِكْر المصنف له في فصل القياس (٣) بأن يقول:


(١) الأصل: «المناسبة» تحريف، ويأتي على الصواب قريبًا.
(٢) الأصل: «حمل»، ولعل الصواب ما أثبته.
(٣) «الفصول»: (٥ أ).