بمثلها، بأن يُقال: بل التخلُّف لعدم المقتضي، وليس أحدُهما بأَوْلَى من الآخر.
وقوله:«إن ما ذكرتُه يدلُّ على [ق ١٩٩] قيام المقتضي»، إنما يصحُّ إذا عُلِمَ اطِّرادُه وسلامتُه عن النقض إلا لمعارض، وإنما يَسْلم عن النقض إلا لمعارض إذا عُلِم أنَّ التخلُّفَ هنا لمعارضٍ، فلو جاز أن يستدلَّ على ثبوت المانع هنا بوجودِ المقتضي، ووجود المقتضي لا يتم إلا ببيان ثبوتِ المانعِ المختصّ= لزم (١) الدور.
نعم إن كان دليلُ العلة نصًّا أو إجماعًا فههنا قد تنقدح دعوى أن التخلُّف لمانع، وإن لم يتبين وجوده، كما لو احتجَّ بصيغةٍ عامةٍ قد خُصَّ منها صور، فإن له أن يحتجَّ به فيما عدا صورة التخصيص، وإن لم يتبيَّن اختصاصُ تلك الصور بالمخصِّصات، وفيه نظر.
الثاني: أن يقال له: لو كان المقتضي قائمًا للزم أن يعارض المانع، وتعارُضُ الأدلةِ على خلاف الأصل.
الثالث: أن التخلُّفَ دليلٌ على عدم العلة، إلا أن يبيِّنَ أنه لمانع، فإنه لا أدَلَّ على عدم اقتضاءِ الشيء من تحقُّق هذا العدم، فإنَّ تخلُّف الحكم عنه يُبَيِّن أنَّه ليس فيه ما يقتضي الحكم، إذ لو كان فيه ما يقتضي الحكم لوجبَ أن يقتضي الحكم، وإلا لزم إهمالُ الحِكَم [و] المصالح، وتعطيل المناسبات الصحيحة، وذلك غير جائزٍ على الشارع. نعم، يجوزُ أنّ عدَم اقتضائه هنا لصادٍّ صدَّه ورادٍّ ردَّه، ويجوزُ أن يكون لعدم كونه مقتضيًا، فيقف الدليل حتى