للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَبِيْنَ الحالُ.

ولو قال (١): قد قامَ الدليلُ على كونه مقتضيًا بالمناسبة، فيجبُ إحالة التخلُّفِ على المانع؛ لئلَّا يلزم تعطيل ذلك الدليل في الفرع من غير مانع.

قيل: هذا الدليلُ الذي ذكرتَه يعارضُ الأصل النافي لوجود المانع، والأصل النافي لوجود التعارض، ودليلان أرجحُ من دليل.

فإن قال: المناسبة أقوى من الأصل النافي، بدليل ترجُّحِها عليه عند المعارضة، فإن الأصلَ عدمُ الحكم في صورةٍ ثبتَ الحكمُ فيها بالقياس، وقد ترجَّحَ القياسُ على هذا الأصل عند الفقهاءِ القياسيين، وإنما يرجِّحُ الأصلَ النافي أهلُ الظاهر، وليس الكلامُ في هذه المسائل على هذا الأصل، وإنما الكلامُ مع من يعتقدُ صحَّةَ بناءِ الأحكامِ على القياس، على أن هذا القولَ فاسدٌ للأدلَّة المعروفة في موضعها، وأدناها: أنَّ هذا القائل يرجِّحُ نوعًا ضعيفًا من القياس على سائر أنواعه، وذلك أنه يقيس الحكم في الزمان المشتمل على السبب الموجب له، على الحكم في الزمان الخالي عن ذلك السبب، وهو عينُ القياس مع ظهورِ الفارق، ومعلوم أنَّ الجمعَ بين الصورتين بما يدلُّ على اشتراكهما في حِكْمة الحكم [ق ٢٠٠] أحسنُ من الجمع بينهما بالزمان الشامل لهما.

قيل له: القياسُ الراجحُ على الأصل النافي هو القياسُ السالمُ عن التخلُّف إلا لمانع مختصٍّ، وهذا القياس لم يُعْلَم أنه كذلك. فيجب العملُ حينئذٍ بالأصل النافي؛ لسلامتِه عن معارضة القياس الذي لم يثبت شرطُه،


(١) الأصل: «قام»!