للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العقلاء، فإن الرجلَ لو قام عنده دليلٌ على صحة مذهب [ق ٢٠٦] الحجازيين في القتل بالمثقَّل، لحديث الجارية (١) مثلًا، فاستدلَّ بذلك على صحة مذهبهم في جميع مسائل الخلاف، أو قال: يلزم من موافقتي لهم في هذه المسألة، موافقتهم في جميع مسائل الخلاف؛ لعدم القائل بالفرق بين (٢) تلك المسائل= لكان هذا خارجًا عن حدِّ العَقْل والدين، هازئًا بآيات الله لاعبًا بدين الله!

الثاني: أن يُقال: قولك: «عدم الحكم في صورة النقض إما أن يكون ثابتًا أو لا»، تقسيمٌ لا حاصلَ له، فإن العدمَ حاصل عندك وثابت، ولولا ذلك لما صحَّ النقضُ، والتقسيمُ الذي قد عُلِمَ انتفاءُ أحدِ قِسْميه أو ثبوتُه غير سديد، وذلك لأنه إذا عُلِمَ ثبوتُ الشيءِ أو انتفاؤه، كان (٣) الترديد بينه وبين قَسِيمه (٤) تضييع كلام، فإن الكلام على القسم المعلوم ثبوتُه أو انتفاؤه غيرُ حاصل.

وإن قال: أردتُ ثبوتَه أو انتفاءَه في نفس الأمر.


(١) أخرجه البخاري رقم (٦٨٧٧)، ومسلم رقم (١٦٧٢) من حديث أنس - رضي الله عنه - ولفظه عند مسلم: «أن يهوديًّا قتل جارية على أوضاح لها ــ أي: حُلي ــ فقتلها بحجر، قال: فجيءَ بها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وبها رمق. فقال لها: «أقتلكِ فلانٌ؟» فأشارت برأسها: أن لا. ثم قال لها الثانية، فأشارت برأسها: أن لا. ثم سألها الثالثة، فقالت: نعم، وأشارت برأسها. فقتله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين حجرين».
(٢) تحرفت في الأصل إلى: «من».
(٣) الأصل: «وكان» والأصوب حذف الواو.
(٤) رسمها في الأصل: «قسمَيه».