للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن عنيتَ انتفاءَ أحدهما وثبوت الآخر، فقد ادَّعَيت انتفاءَ العدمِ في الفرع، وذلك بتحقُّق الوجوبِ فيه وثبوت الوجوب في صورة النقض، وثبوت العدِم في الفرع.

وأيُّما كان فقد ادَّعَيْت ما يخالف دعواك الأولى، ويُناقضُ مذهبَك؛ لأنك ادَّعَيتَ خلافَ مذهبِكَ، إما في الفرع أو في النقض، وهذا اعترافٌ بالعجز عن نصر المذهب.

وإن ادَّعيتَ انتفاءَ أحدهما مع قطع النظر عن الآخر، قيل لك: إذا انتفى أحدُهما [ق ٢١٢] فإما أن ينتفي الآخرُ معه أو لا ينتفي؛ لأن الحالَ في نفسِ الأمر لا يخلو عن الأمرين، فإن انتفى أحدُهما مع انتفاءِ الآخر فهو المدَّعى أوّل المسألة، لأن انتفاء العدم في الفرع، وانتفاء الوجوب في النقض هو الحُكْم بالوجوبِ في صورةِ النزاع، وبالنفي في صورة النقض.

وإن انتفى أحدُهما مع ثبوتِ الآخر فهو نقيض المدَّعَى؛ لأنه يستلزمُ حينئذٍ خلاف قوله، إما في الفرع أو في النقض (١)، فَعُلِمَ بهذا التقسيم الحاصِر (٢) أنه لا يمكنه أن يدَّعي إلا ما هو مذهبه من الوجوبِ في الفرع وعدمِ الوجوبِ في النقضِ، فيلزمُه النقضُ المتقدِّم، أو ما يخالف مذهبَه في أحدهما، فيبطل كلامه، ويتبيَّن أن جوابه بتغير المدَّعى إنَّما غيَّر لفظه لا معناه، وأَوْهَمَ بمجيئه بألفاظٍ مشتركةٍ أنه خلصَ من النقض المنقضّ على العبارة الأولى، وهيهات تبدُّل الحقائق بتغيير العبارات!!


(١) غير محررة في الأصل، ولعلها ما أثبت.
(٢) الأصل بالضاد المعجمة، تصحيف.