للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوجه الثالث: أن يقال: ادَّعيتَ انتفاء المجموع المركَّب من العدم هنا، والوجوب ثَمَّةَ.

فيقال: لا نُسَلِّم انتفاءَ المجموع، بل يجوز أن يكون المجموع المركَّب ثابتًا، وهو العدم في الفرع والوجوبُ هناك، وعلى هذا التقدير فالوجوب في الفرع باطل، ولا يضر تَسْليم انتقاضِ الدليل على تقدير عدم الحكمِ في الفرع؛ لأنه تسليمٌ لقياسٍ لا دلالة له، وأنتَ لم تذكر دليلًا على ثبوتِ أحدِ الأمرَين كما سنُبَيِّنه.

الوجه الرابع: أن يُقال: لا نُسَلِّم انتفاءَ المركَّب [و] قوله: «الوجوب هناك لا يخلو إما أن يكون ثابتًا أو لا يكون، فإن لم يكن فظاهر».

قلنا: لا نُسَلِّم ظهورَه؛ وذلك لأنك ادَّعيتَ انتفاء المركَّب، فإن عنيتَ به انتفاءَ مفردَيْه، أو انتفاءَ أحدهما مع كون الآخر في نفس الأمر منتفيًا، فقد ادَّعيتَ الوجوبَ في الفرع وعدمَه في النقض أو الوجوبَ في الفرع (١). وأيُّما كان فهو الدَّعوى الأُولى بعينها، فأين التغيير المدَّعَى؟!

ثم يلزمُك على معنى هذه الدعوى ما لزمَك على الأولى من النقض المنقض.

وإن عنيتَ به انتفاءَ أحدِ مفردَيْه وثبوتَ الآخر، أو انتفاء أحدِهما مع أنَّ الآخر في نفس الأمر ثابت، فإذا لم يكن الوجوبُ في النقض ثابتًا لزم أن يكون عدمُ الوجوبِ في الفرع متحقِّقًا ثابتًا، وحينئذٍ كيف يكون قولُك ظاهرًا (٢) مع تضمُّنِه نقيضَ الحكم [ق ٢١٣] الذي ادَّعَيْتَه في صورة النزاع؟!


(١) كذا في الأصل، ولعلّ في الكلام نقصًا.
(٢) الأصل: «ظاهر».