للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوجه السادس: أنتَ ادَّعيتَ انتفاءَ المركَّب من العدم هنا، والوجوب هناك، وذلك دعوى ثبوت أحدهما، أو دعوى نفيهما، وغرضُك لا يحصل إلَّا بثبوتهما؛ لأنه إن ثبتَ الوجوبُ هنا دون العدم هنا (١)، أو بالعكس لم يتمَّ الكلامُ، وإذا كان الغرضُ إنما يحصل بثبوتهما، فأنت لم تذكر على ذلك دليلًا، بل القياسُ الذي ذكرتَه ينفي ثبوتَ العدم والوجوب.

وتلخيصُه أن يقال: هب أنَّ سلَّمنا أن المركَّب من العدم هنا والوجوب هناك منتَفٍ، ولكن إذا لم ينتفِ (٢) مع وجود أحد مفردَيْه، وهو إما العدم هنا أو الوجوب هناك بطلت الدَّعْوى أو دليلها، فلا بدَّ من نفي مفردَيْه، وأنتَ على [ق ٢١٤] أحد التقديرين نفيتَ أحدَ المفردَين وأثبتَّ الآخر، وعلى التقدير الآخر عكست.

فحاصِلُه: أنك لما نفيتَ الوجوبَ هناك، فقد نفيتَ أحدَ الأمرين، ولمَّا أثبتَّه هنا، فقد أثبتَّ الآخر، وإن شئت أن تقول: سلَّمنا أنه لا يجتمع المركَّب من الأمرَين.

الوجه السابع: أن يُعارَض بمثله، بأن يُقال: أحدُ الأمرين لازم، وهو إما العدم هنا، أو الوجوب هناك، وإنما كان يلزم تعيين المدَّعَى؛ لأنه إن كان القياس صحيحًا لزم الوجوبُ هناك، فينتقضُ القياس، وإن كان فاسدًا لَزِم العدمُ في الفرع بالأصل النافي (٣) السالم عن معارضة القياس الصحيح، ولا ريبَ أنَّ هذا الكلام أَوْجَه من كلامه.


(١) كذا في الأصل، ولعله: «هناك».
(٢) الأصل: «إذا لا ينتفي»، ولعل الصواب ما أثبت.
(٣) الأصل: «الثاني» وسبق نحو هذا التصحيف.