للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الزكاة فيها ولا في غيرها منتفٍ عنها، ولم ينظر هل فيها أسباب غيره توجب الزكاة أم لا، ثم قيل له: هل يكون علمك بالأصل النافي مع علمك بعدم هذا الأمر الذي لا يوجب الزكاة قط عنها محصِّلًا لظنك عدم الوجوب؟ لَعَلِم بالاضطرار أن مجرَّد هذا لا يفيد ظنًّا بجواز أن تكون الصورة من صور الوجوب، أو من صور عدم الوجوب، وأن الذي علمنا انتفاءه عنها ليس مما يوهم الوجوب، وهذا ظاهر.

الخامس: النافي لوجوب الزكاة قد (١) تخلَّف عنه مقتضاه في مواضع لا تُحصى، ونحن نعلمُ أن تلك المواضع امتازت عن غيرها بأسباب موجبة، والمستدلُّ لم يذكر انتفاءَ سببٍ من الأسباب الموجبة عن صورة النزاع، فإن المشترك بينه وبين الفقير ليس موجبًا إجماعًا، وإذا لم يكن موجبًا في نفس الأمر لم يكن مانعًا من العمل بالنافي، فيكونُ قد استدلَّ بمجرد النافي الذي لم يظن سلامته عن شيءٍ من المعارضات، وهذا لا يجوز إجماعًا.

السادس: أنَّ المشترك لا يكون معارضًا للنافي إلا بتقدير الوجوب فيهما، وهذا التقدير غير ثابتٍ إجماعًا، فلا يكون مُعَارضًا أصلًا، فقولُه بعد هذا: «بالنافي السالم عن معارضة القطعي» غير مُسَلَّم؛ لأنه لا يَسْلَم عن معارضةِ شيءٍ له حقيقة، وإنما يتعارض لنفي المعارض إذا كان له في الجملة حقيقة، ولو على بعض التقادير الواقعة، فأمَّا ما لم يوجد ولا يجوز أن يوجد، فلا يجوز أن يتوهَّم معارضته ليحترز عنها، وحينئذٍ يكون استدلالًا بمجرَّد النافي للوجوب، وهو غير صحيح.

السابع: ما ذكرته من النافي وإن دلَّ على عدم الوجوب، لكن الأمور


(١) تصحفت في الأصل إلى: «هو».