يراد من اللفظ؛ فقد قلنا على الله ما لا نعلم، وقَفَونا ما [ق ٢٥٧] ليس لنا به علم، وذلك حرامٌ بنصِّ القرآن، وذلك لأنَّ عِلْمنا بأنه جائز الإرادة علم بأنَّ المتكلِّم لو أراده لم يكن لاحنًا، أو لم يكن متكلِّمًا بغير العربية، أو علم بأنَّ المتكلّم له أن يريده، وإذا عَلِمنا أن الله ــ سبحانه ــ له أن يريد المعنى، أو له أن يشاء الفعل، ثم أخبرنا عنه بأنه قد شاءه، وأنه قد أراده من غير دليلٍ زائد، دلَّنا على أنه أراده، لا علمنا بأن له أن يريده، كُنَّا قد أخْبَرنا عنه بأكثر مما عَلِمْنا منه، والعلمُ به ضروري، وذلك قولٌ على الله ما لا نعلم.
الخامس: أن كونه جائز الإرادة إما أن يعنى به جائز الإرادة لغة، بمعنى أنَّ كلَّ عربيٍّ لو أراد ذلك المعنى من ذلك اللفظ لم يكن خارجًا عن لغته، أو جائز الإرادة من كلِّ وجهٍ، بمعنى أنَّ الله ورسوله إذا أراده لا يلزم منه محذور من مخالفة الأصول في قَلْب الحقائق، فإن عَنَى المعنى الأول فنحنُ نعلم باضطرار أنَّ مجرَّد كون العربي يجوز أن يريد المعنى من اللفظ لا يقتضي ذلك أنَّ الله ــ سبحانه وتعالى ــ ورسوله أراده، فإنَّ العربي من حيث هو كذلك يريد الحقَّ والباطلَ، والهوى والضلال، والكفر والإيمان، والله ورسوله منزَّهٌ عن ذلك، وإن أريد القسم الثاني (١) بطل قولهم، فإنهم لا يثبتون جواز الإرادة إلا لغةً.