للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جزءًا (١) لبقي الكبر الذي في نَفْسِه الذي لم يتضمَّن تركَ واجب ولا فعل محرم، وذلك [و] إن كان عظيمًا، لكن سنة الله أن لا يجزي الناس على ما في ضمائرهم حتى يبتليهم، وإلَّا فذلك الكبر كان موجودًا قبل هذا؛ ولأن الله ــ سبحانه ــ بيَّن أن الذَّمَّ والعقابَ عن مخالفة الأمر بقوله: {إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} [الكهف: ٥٠]، وقوله: {إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ} [البقرة: ٣٤]، فذَمَّه على الإباء والاستكبار والمصير (٢) من الكافرين، فعُلِم أن كلًّا (٣) من الإباء والاستكبار له مَدْخل في استحقاق الذَّم.

وأيضًا فينبغي أن يُقال: إنَّ ترك امتثال الأمر على وجه الشهوة جائز، وعلى وجه الكبر غير جائز، ومعلوم أن هذا قولٌ يخالف الإجماع، وإن كان التركُ كِبْرًا أعظمَ عند الله وأشدَّ عقوبة وأقبحَ عاقبة.

الدليل الثاني: قوله (٤): (وكذلك قوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ (٥) أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: ٦٣]).

حذَّر الله المخالفين عن أمره أن تصيبَهم فتنة، وهي الكفر، أو يصيبهم عذاب أليم، فلولا أن المخالفة ينعقد معها سبب الفتنة أو العذاب لما حذَّر منها، ومعلومٌ أنه لو كان الفعل بعد الأمر على حاله قبل الأمر مِن جهة عدم


(١) الأصل: «حرا» مهملة النقط.
(٢) غير واضحة في الأصل، وتحتمل قراءتها: المعتبر.
(٣) الأصل: «كل».
(٤) «الفصول»: (ق/١٠ أ).
(٥) الآية في «الفصول» إلى هنا ثم قال: «الآية».