للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السابقين، وهذه صفة موجودة في كلِّ واحدٍ منهم، فوجبَ أن يكون كلٌّ منهم (١) إمامًا للمتقين كما استوجبَ الرضوان والجنة.

وأما قوله (٢): ليس فيها ما يوجب اتباعهم.

فنقول: الآيةُ تقتضي الرضوان عمن اتبعهم بإحسان، وقد قام الدليلُ على أن القول في الدين بغير علم حرام، فلا يكون اتباعهم قولًا بغير علم، بل قول بعلم، وهو المقصود، وحينئذٍ فسواء سُمِّي تقليدًا أو اجتهادًا.

وأيضًا: فإن كان تقليدُ العالمِ العالمَ حرامًا ــ كما هو قول الشافعية والحنبلية ــ فاتباعهم ليس بتقليد؛ لأنه مَرْضيّ، وإن كان تقليده جائزًا، أو كان تقليدُهم مستثنًى من التقليد المحرَّم، فلم يَقُل أحد: إن تقليد العلماء من موجباتِ الرضوان، فعُلِمَ أن تقليدهم خارج عن هذا؛ لأن تقليدَ العالم وإن كان جائزًا فتركُه إلى قول غيره أو إلى اجتهادٍ جائزٌ أيضًا بالاتفاق، والشيء المباح لا يستحق به الرضوان.

وأيضًا: فإن رضوانَ الله غايةُ المطالب لا تُنال إلا بأفضل الأعمال، ومعلومٌ أن التقليد الذي يجوز خلافه ليس بأفضل الأعمال، بل الاجتهاد (٣) أفضل منه، فَعُلِم أن اتباعهم هو أفضل ما يكون في مسألةٍ (٤) اختلفوا فيها هم ومن بعدهم (٥)، ورُجحانُ أحدِ القولين يوجب اتباعه، لأن مسائل الاجتهاد


(١) في الأصل: «كلامهم»!
(٢) انظر ما تقدم (ص ٥٣٣).
(٣) الأصل: «اجتهاد» والمثبت من «الإعلام».
(٤) الأصل: «مثاله»!
(٥) في «الإعلام» بعده: «وأنَّ اتباعهم دون من بعدهم هو الموجب لرضوان الله».