وأيضًا: فإنَّ الله أثنى على الذين اتبعوهم بإحسان، والتقليد وظيفة العامة، فأما العلماء فإما أن يكون مباحًا لهم أو محرمًا، إذ الاجتهاد أفضل منه لهم بغير خلاف، أو هو واجب عليهم، فلو أُرِيْد باتباعهم التقليد الذي يجوز خلافه لكان للعامة في ذلك النصيب الأوفى، وكان حظُّ علماء الأُّمة من هذه الآية أبخس الحظوظ، ومعلومٌ أنَّ هذا فاسد.
وأيضًا: فالرضوان عليهم وعلى [من] اتبعهم دليلٌ على أن اتباعهم صواب ليس بخطأ؛ لأنه لو كان خطأً لكان غاية صاحبه أن يُعْفَى له عنه، فإن المخطئ إلى أن يُعْفى عنه أقربُ منه إلى أن يُرْضى عنه، وإذا كان صوابًا وَجَبَ اتباعُه؛ لأنَّ خلافَ الصواب خطأ، والخطأ يحْرُم اتباعه إذا عُلِم أنه خطأ، وقد عُلِم أنه خطأ بكون الصواب خلافه.
وأيضًا: فإن كان اتباعهم يوجب (١) الرضوان لم يكن ترك اتباعهم يوجب الرضوان؛ لأن الجزاء لا يقتضيه وجود الشيء وعدمه؛ لأنه يبقى عديم الأثر في ذلك الجزاء، وإذا كان في المسألة قولان، أحدُهما يوجبُ الرضوان والآخر لا يوجبه= كان [ق ٢٩٧] الحقُّ هو ما يوجِبُه، وهو المطلوب.
وأيضًا: فإنَّ طلب رضوان الله واجب؛ لأنه إذا لم يوجد رضوانه فإما سخطه، أو عفوه، والعفو إنما يكون مع انعقاد سبب الخطيئة، وذلك لا يُباح مباشرتُه إلا بالنصِّ، وإذا كان رضوانه إنما هو في اتِّباعهم، واتباع رضوانه