وهم مهتدون، بدليل خطابًا لهم:{وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}[آل عمران: ١٠٣]، و «لعلَّ» من الله واجب.
وقوله:{وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا ... } إلى: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى ... }(١)[محمد: ١٦ - ١٧]. وقوله:{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا}[العنكبوت: ٦٩] وكلٌّ منهم قاتل في سبيل الله وجاهد إما بيده أو بلسانه، فيكون الله قد هداهم، ومن هداه الله فهو مهتد، فيجبُ اتباعه بالآية.
الوجه الثالث: قوله سبحانه: {وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ}[لقمان: ١٥]، وكلٌّ من الصحابة مُنِيْب، فيجبُ اتباعُ سبيلِه، وأقوالُه واعتقاداتُه من أكبر سبيله، والدليل على أنهم منيبون: أن الله قد هداهم، وقد قال:{وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ}[الشورى: ١٣].
الوجه الرابع: قوله: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي}[يوسف: ١٠٨] أخبر أن من اتبع الرسولَ يدعو إلى الله على بصيرة، ومن دعا إلى الله على بصيرة وجبَ اتِّباعُه. كقوله فيما حكاه عن الجنِّ ورضيَه:{يَاقَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ}[الأحقاف: ٣١]، ولأن من دعا إلى الله على بصيرة فقد دعا إلى الحقِّ عالمًا به، والدعاءُ إلى أحكام الله دعاء إلى الله
(١) زاد بعدها في «الإعلام»: (٥/ ٥٦٦): «وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ (٤)}.