للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ق ٢٩٨]؛ لأنه دعاء إلى طاعته فيما أَمَرَ ونهى وأذِن، والصحابةُ قد اتبعوا الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فيجب إجابتهم إذا دَعَوا إلى الله.

الوجه الخامس: قوله: {قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى} [النمل: ٥٩] قال [ابن عباس] (١): هم أصحاب محمد، والدليل عليه قوله: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا} [فاطر: ٣٢]، وحقيقة الاصطفاء: افتعال من التصفية، فيكون قد صفَّاهم من الأكدار، والخطأ من الأكدار، فيكونون مُصَفَّيْنَ منه. ولا ينتقض هذا بما إذا اختلفوا؛ لأن الحقّ لم يَعْدُهم، فلا يكون قول بعضِهم كدرًا؛ لأن مخالفة الكدر وبيانه يزيل كونه كدرًا، بخلاف ما إذا قال بعضُهم قولًا ولم يخالف فيه، فإنه لو كان قولًا باطلًا [و] لم يردّه راد، فلا معنى للكدر إلا هذا (٢)، وهذا لأنَّ خلاف بعضهم لبعض بمنزلةِ معاتبة النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في بعضِ أموره، فإنها لا تخرجه عن حقيقةِ الاصطفاء، فإذا لم ينه (٣) لم يكن كدرًا.

الوجه السادس: أن الله شهد لهم بأنهم أُوتوا العلم بقوله: {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ} [سبأ: ٦]، وقوله: {حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا} [محمد: ١٦]، وقوله: {يَرْفَعِ


(١) ما بين المعكوفين بياض بالأصل، والمثبت من «الإعلام»: (٥/ ٥٦٨)، وتفسير ابن جرير: (١٨/ ٩٨)، وابن أبي حاتم: (٩/ ٢٩٠٦)، وأخرجه عبد ابن حميد وابن المنذر وغيرهم كما في «الدر المنثور»: (٥/ ٢١١). ورُوِي نحوه أيضًا عن سفيان الثوري أخرجه عنه عبد بن حميد وابن جرير.
(٢) العبارة في «الإعلام»: «لكان حقيقة الكدر»، وما بين المعكوفين منه.
(٣) كلمة لم تتبيَّن ولعلها ما أثبت. والجملة الأخيرة ليست في «الإعلام».