فنقول: هذا المنع لا يضُرّنا، فإن المانع على ذلك التقدير لا يخلو إمّا أن كان واقعًا في الواقع أو لم يكن، فإن كان واقعًا يتم ما ذكرنا، وإن لم يكن واقعًا ينتفي ذلك التقدير لانتفاء اللازم.
ولئن قال: لا تجب الزكاة ثمة على ما ذكرتم من التقدير، لأن أحد الأمرين لازم، وهو إمّا وقوعُ ما هو الواقع على التقدير في الواقع، أو وقوع ما هو الواقع في الواقع على التقدير من الحكم في تلك الصورة أو عدم الحكم فيها.
فنقول: نحن لا ندَّعي الوجوبَ ثَمَّة على التعيين، بل ندَّعي أحد الأمرين، وهو إما الملازمة بين الوجوبين [٣ أ] أو الوجوب ثَمَّة. وبهذا يندفع ما ذكرتم، فإنه لا يمكن أن يقال: لا وجودَ لهذا ولا لذلك في نفس الأمر، كما يمكن في الوجوب على الفقير.
ولئن قال: لا وجودَ لأحدهما أصلًا على ما ذكرتم من التقدير، إذ لو تحققَ أحدُهما لتحقَّقَ الوجوب على الفقير لا مَحالةَ، ولا يتحقق [هذا] على ذلك التقدير لما قررنا. فنقول: يتحقق أحدُهما على ما مرَّ آنفًا.
فصلٌ في التنافي بين الحكمين (١)
وهو امتناع الاجتماع بينهما في محلٍّ واحد في زمانٍ واحد. كما يقال: الوجوب على المديون مع عدم الوجوب على من ملك مالًا دون النصاب مما لا يجتمعان، والثاني ثابت إجماعًا فيلزم انتفاء الأوَّل.
(١) هذا الفصل تأخر موضعه في شرح شيخ الإسلام عن هذا الموضع، فوقع بين فصل المعارضة بالقياس المجهول، وفصل التمسك بالنص (ص ٣٩٧ - ٤٤٣).