[ق ٨] وإن قال: أراد به ما يناقض العدم في مجموعهما، كان معناه أن المستلزم للوجوب على الفقير لا يفارق الوجوب عليهما أو على أحدهما، بل لا بدَّ أن يكون لازمًا للوجوب على أحد التقديرات الثلاث.
فيقال له: هذا عينُ محلِّ النزاع، فلا نُسلِّم أن المستلزم للوجوب على الفقير لازم للوجوب على المدين، فإن هذا أول الدليل، فإن أثبته بهذا الدليل كان دورًا، وإن ذكر دليلًا آخر كان ذلك كافيًا في تحقيق التلازم، وما سواه ضياعًا وحشوًا.
وقوله في تقرير ذلك:"إن شملَهما العدمُ فظاهرٌ".
قلنا: لا نُسلِّم، لأنه إذا عدم المستلزم للوجوب على الفقير والوجوب عليهما وعلى أحدهما لم يدلَّ ذلك على لزوم أحدهما للآخر، لأن الأشياء التي لا تلازمَ بينها بل الأشياء المتضادة المتنافية قد تشترك في عدم جميعها، فبتقدير عَدَمِها لا يثبتُ تلازمها.
وإن قال:"فظاهر" أردتُ به ثبوتَ المدَّعَى، وهو عدم الوجوب على المدين.
قيل: أنتَ في تقرير التلازم وبيان أن الوجوب على المدين يستلزم الوجوب على الفقير، فإذا أثبتَّ عدمَ الوجوب على المدين لم يثبت التلازمُ، لأن صحةَ المدعَى لا يستلزم صحةَ الدليل المعيَّن، لجواز أن يكون القول حقًّا وما يُستدَلُّ به باطل، لثبوته بدليل آخر، فلا بدَّ لك من تصحيح الدليل الذي زعمتَ أنه يُفيد ثبوتَ المدعى، وإلّا فنحن قد نُسَلِّم لك الحكمَ ونُنازِعُك في الدليل.