أيها الأحبة في الله: إن من تمام حقوق القرآن أن يغرس الإنسان حب القرآن في أبنائه وأهله وزوجه، فمن توفيق الله عز وجل لأهل القرآن أنهم كالشجرة خيرها لا يقتصر عليها، جناها للناس وظلها للناس، كذلك حافظ القرآن وتاليه، يبلغ حجة الله إلى العباد، ويهدي كلام الله عز وجل داعيةً إلى سبيله، سبيل الحق والسداد.
فإذا أردت أن يتمم الله عز وجل عليك نعمته، وأن يكمل عليك منته، فإذا تأثرت بكلام الله، فذكِّر به الأقربين، وذكر به الناس أجمعين، فمن تمام النعمة في القرآن أن تهدى ثماره، وأن يذكر بآياته من بعد عنه من الأقربين والأبعدين، فكن أخي في الله حامل رسالة الله إلى عباد الله، شرفٌ لك أن تقف أمام عبدٍ تذكره بآيةٍ من كتاب الله عز وجل، وفخرٌ لك أن تعتز بكلام الله فتبلغه إلى عباد الله، قال صلى الله عليه وسلم:(خيركم من تعلم القرآن وعلمه) وأخبر صلوات الله وسلامه عليه: (لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها الناس ... )، فإذا أتاك الله القرآن ووجدت للقرآن أثراً فابذله إلى غيرك.
قال بعض الفضلاء من الدعاة: إن العبد إذا وفقه الله للآية فتأثر بها، وأراد أن يذكر بها غيره فوفقه الله لتذكيره بها فإن الله سيوفقه لغيرها.
لأن من شكر نعمة الله عز وجل عليه بعلم القرآن وعمله بارك الله له في ذلك العلم.
والناس في علم القرآن على قسمين: القسم الأول: بارك الله له في علمه.
والقسم الثاني: محقه بركة علمه.
ولذلك تجد الرجل يدخل المسجد فيسمع من بجواره يخطئ في القرآن لا يرد عليه خطأ واحداً، وهو يعلم أنه مخطئ في كتاب الله، ورجل ثانٍ يجلس بجوار الرجلين، يخطئ هذا فيرده ويخطئ هذا فيرده، كم له من الأجور والحسنات، وهو يقوم في كتاب الله، فينبغي للراغب الموفق في رحمة الله ومرضاته أن يحرص على تبليغ القرآن للغير، ودلالة الناس إلى كلام رب الناس.
نسأل الله العظيم رب العرش الكريم بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يحيي قلوبنا وقلوبكم بالقرآن، وأن يجعلنا وإياكم من أهل القرآن، اللهم إنا نسألك أن ترفع بالقرآن ذكرنا، وأن تهدي به ضالنا، وأن تجمع به شملنا، وأن تثبت به قلوبنا، وأن تشرح به صدورنا.
اللهم إنا نسألك حب القرآن والعمل به، والدعوة إليه، والثبات على ذلك إلى لقائك، حتى يكون حجةً لنا لا حجةً علينا، إنك ولي ذلك والقادر عليه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبيه وآله وصحبه أجمعين.