[المخرج من بلاء المخدرات]
أخواتي المسلمات! وقفة مع هذا العناء وهذا الجحيم وهذا البلاء، يوم تفشى بين قلوبٍ كانت بريئة، ونفوس كانت رحيمة أصبحت من بعده تعاني عناءه وتجد شقاءه وبلاءه، وما المخرج؟ يوم أصبحت الأم ترى ابنها وقد تردى في مهاويها.
ويوم أصبح الأب يرى الابن والابنة قد تعاطت كأسها وخارت قواها وتردت في بلائها.
ما المخرج من هذا البلاء العظيم، وهذا الضنك الأليم؟! المخرج من ذلك: الفرار إلى الله بالتوبة الصادقة والدعوة الصادقة والإنابة إلى الله، المخرج الأول الذي إذا حققه الإنسان أنجاه من هذا البلاء وما فيه من وعيد: أن تنظر المؤمنة وينظر المؤمن إلى بعده عن ربه، وطول غيبته عن خالقه {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر:٥٣].
فيا أيتها النفس التي تعذبت بهذا البلاء! هذا نداء فاطر الأرض والسماء: {إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً} [الزمر:٥٣] فأجيبي النداء، وهلمي إلى طاعة الله جل في علاه، هلمي ولو نادت النفس سبحان الله! أيغفرها بعد كئوس شربت وحبوبٍ أخذت؟ أيغفر تلك الليالي المظلمة وما فيها من السيئات والخطيئات؟ أيغفر تلك الكئوس وما تبعها من الخطيئات؟ نعم والله: {إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً} [الزمر:٥٣].
الإنابة إلى الله، التوبة الصادقة إلى الله بقلب صادق منيب إلى الله، فما وقف عبد ولا وقفت أمة بباب الله فنحيت عن رحمة الله، إنها التوبة الصادقة التي تبدل بها سيئات الكئوس حسنات، وتغفر بها السيئات والزلات والهنات، التوبة الصادقة قبل أن يدهم الأجل وينقطع الأمل ويجد القلب الوجل، التوبة الصادقة إلى الله جل جلاله الذي يقبل توبة التائبين، ويمحو بفضله ذنوب المسيئين، فلتطو صحيفة الماضي، ولتطو دواوين الماضي، ولتودّع المؤمنة الصادقة زماناً ولى بسيئاته، ولتنب إلى الله جل وعلا منكسرة بين يديه.
الوقفة الثانية: أن تصحح المؤمنة مسارها، وأن تكون خير معينة للنجاة من هذا البلاء والعناء، فتهدي إلى صديقاتها ومن بلي بعنائها وبلائها، الكلمات المؤثرة والنصائح الغالية الثمينة، فما أحوج كثير من المسلمات إلى النصيحة البالغة المذكرة بالله فاطر السماوات! ذكري بالله لعل الله أن ينظر إلى تلك الكلمات، لعل الله أن يسمع تلك العبارات فيوجب الحب والرضا والقرب منه جل وعلا، أن تحاول المؤمنة الصادقة أن تغفر زلة الماضي بإصلاح أخواتها وصديقاتها.
الوقفة الثالثة مع تلك المرأة المهمومة المغمومة؛ مع ابن تربى في هذا البلاء، أو بنت عاينت هذا الشقاء، أو زوجٍ هوى في هذا البلاء: أن تقف المرأة الصادقة أمام الابن والبنت والأخ والأخت والزوج وغيره، أن تقف بالصبر والتحمل واحتساب الأجر، فيا أيتها الزوجة المظلومة! يا أيتها الزوجة التي تعاني عناء هذا البلاء في زوجٍ تردى فيه، أو ابن كان من متعاطيه! اصبري واحتسبي وذكري بالله جل جلاله، وإياك والضعف والخور، ابذليها كلمات صادقات من قلبك الصادق لعل الله أن يفتح بها القلوب، وينير بها السبل والدروب إلى رحمة الله علام الغيوب، اصبري واحتسبي الأجر، واعلمي أن الله يسمعك ويراك.
إن هذه الهموم التي تعيشينها في ظلمة الليل أو ضياء النهار، إن هذه الهموم التي تجدينها بالعشي والإبكار يراها ويسمعها الواحد القهار.
يا أمة الله! ابذلي النصائح، واستري الفضائح؛ استري زوجك إن كان مبتلىً بها، وحاولي أن تنتشليه من هذه الغمة، وأن تميطي عن عينيه اللثام فتنجلي الغمة، اصبري وذكري ولو طال الزمان فمن الله التوفيق وعظيم الأجر في الجنان.