الأسرة المسلمة اليوم أحوج ما تكون إلى الموعظة والنصيحة الجامعة، الأسرة المسلمة اليوم من الآباء والأمهات والأبناء والبنات والإخوان والأخوات وآل كلٌ والقرابات هي أحوج ما تكون إلى الموعظة، تحتاج إلى الموعظة في زمان عظمت غربته، وجلت محنته، حتى أصبح المصلي بين أهله غريباً، والذاكر لله بين أهله كأنه يقول شيئاً عجيباً غريباً في زمان عظمت فتنته، وجلت محنته؛ حتى أصبح فلذات الأكباد ربما يجهلون توحيد رب العباد في زمان عظمت فتنته، وجلت محنته، حتى كثرت فيه الشهوات، وعظم فيه سلطان الملهيات والمغريات، فوقف المؤمن متعطشاً متلهفاً لكل كلمة تدله على ربه، وتأخذ بمجامع قلبه لكي تهديه إلى الصواب؛ فيكون من أهل طاعة رب الأرباب.
أيها الأحبة في الله! الواعظ في الأسرة يكون والداً شعر بالأمانة والمسئولية، وتكون أماً حنوناً مشفقة تخاف على فلذات كبدها من النار تخاف أن يفرّق بينها وبين أولادها في يومٌ لا ينفع فيه مالٌ ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
الموعظة كلمات طيبات يقوم بها الأبناء وتقوم بها البنات، كلمات طيبات هي أكبر من كل أحد إلا الله وحده، فكلنا يحتاج إلى الموعظة، فقد تكون من الوالد، وقد تكون من الولد، يوجه الوالد ولده آمراً له بطاعة الله، ناهياً له عن حدود الله ومحارمه، وكأنه يأخذ بحجزه عن نار الله وغضبه، والوالدة تأخذ بحجز أبنائها وبناتها بوصية جامعة لخير الدين والدنيا والآخرة، والابن يرى أباه قد ضل عن السبيل، وجار فيما يكون منه من فعل وخيم، فتأخذه حميّة الدين والخوف من رب العالمين، فيذكِّر أباه وينصحه ويأخذ بحجزه عن نار الله كما فعل أنبياء الله، والبنت الصالحة ترى أمها قد جارت وحادت عن سبيل ربها، فتقف لها ناصحة مشفقة مبينة حتى تقودها إلى الله وتنتهي بها إلى رحمته، والأخ الصادق يرى أخاه قد تهاوى إلى الرذائل، وقد عميت بصيرته عن الفضائل، فيأخذ بحجزه عن نار الله وقد تفطر قلبه شفقة وحناناً عليه، يريد أن يرحمه برحمة الله.
فتخرج الكلمات الطيبات المباركات من الآباء والأمهات، والأبناء والبنات، والإخوان والأخوات، بعظات بالغات بينات، تخشع لهن قلوب المؤمنين والمؤمنات.