للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم مساعدة الناس بقصد المجاملة]

السؤال

أقوم في بعض الأحيان بتسليف بعض من يحتاج إلى المال، فيعرض عليَّ طلبه، فأقوم بتلبية حاجته، ولكن في بعض الأحيان أقوم بهذا العمل إما بقصد دعوي، أو بقصد المجاملة لهم، فهل أحصل على الأجر بالمجاملة لهم، مع العلم أن بعض المبالغ مضى عليها أكثر من ثلاث سنوات، وهل يجوز لي أن أنوي من الآن أنها تفريج ومساعدة، علماً إني أستطيع أن أذهب إليهم وأطلبهم ما سلفتهم إياه، وفقك الله ورعاك؟

الجواب

يقول صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من حديث عمر رضي الله عنه وأرضاه: (إنما لكل امرئٍ ما نوى) قال بعض العلماء: فيه دليل على أنه لا يكون للإنسان إلا ما نواه، إن كان للدنيا فللدنيا، وإن كان للآخرة فللآخرة، فإذا جاءك أحد وأحرجك فاجعل نية الآخرة هي الأصل، واجعل نية الدنيا تبعاً، أي: تعطيه ولكن تنوي أنك تحتسب أجرها وثوابها عند الله، وتجعل نية المجاملة تبعاً، وهذا لا يضر فيه، ولذلك قال الله عز وجل: {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ} [الأنفال:٧] قال بعض العلماء: إنهم فضلوا أن ينالوا العير والغنيمة من المال، ومع ذلك كانت نيتهم في الأصل إغاظة العدو، وكسب مرضاة الله عز وجل، فلم يؤثر ما كان تبعاً.

فنية الدنيا إذا كانت تبعاً لم تؤثر، لكن الذي يظهر من السؤال أنك مجامل، وأنك مستحٍ منهم، فإذا كان الأمر كذلك فهي نية دنيا، ولكن إذا نويت من الآن أن تجدد النية، وندمت على ما مضى وسألت الله فإن الله كريم، وفضل الله عظيم، وكونك تقول: إنه بإمكانك أن تأخذ المال منهم الآن، ولكنك تحتسب عند الله التخفيف عليهم، فأنت كذلك مثاب، فاحتسب من الآن، واسأل الله عز وجل أن يعوضك عما سلف وكان، والله تعالى أعلم.