[حكم من أفطر قبل الوقت لأذان المؤذن ثم تبين أن المؤذن مخطئ]
السؤال
مرض المؤذن في رمضان فأناب عنه أحد الإخوة، وفي جدة الأذان بعد أذان المدينة بخمس دقائق، فالأخ استمع إلى المذياع وكان أذان المدينة، فبعد سكوت أذان المدينة شرع في الأذان وأفطر معظم الناس على أذانه، مع العلم أن هناك فرقاً بما يقارب حوالي خمس دقائق فما حكم الذين أفطروا؟
الجواب
أولاً: مسألة أن أذان جدة لا يكون إلا عند انتهاء أذان مكة أو المدينة، هذا باطل، وينبغي إعادة النظر فيه، فإن أذان مكة ربما يطول وربما يقصر، ولا يقع فيه الاستعجال في بعض الأحيان، ولذلك لا يجوز الاعتداد بهذا الأذان؛ لأنه قد يطول أحدهما وقد يقصر في الآخر، فإن طول في السحور فقد أفطر الناس وإن قصر في الفطر واستعجل فإنه يفطر الناس قبل الوقت، والضابط أن كل بلد يعتبر بمغيب الشمس، وعلى الإخوة أن ينظروا إلى غروب الشمس فهو الضابط المعتبر أو تكون هناك تقاويم مضبوطة من أهل الخبرة، أما مسألة إذا سكت أذان مكة أو بلغ حيَّ على الصلاة أو حيَّ على الفلاح، كل هذا لا أصل له، ولذلك لا بد من ضبط هذه المواقيت ضبطاً دقيقاً، ومن هنا وصف المؤذن بالمؤتمن كما في حديث أبي هريرة في السنن:(الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن) هذه أمانة.
وأما مسألة فطر الناس على هذا الأذان فالذي يلزمهم قضاء هذا اليوم الذي أفطروا فيه قبل الوقت بخمس دقائق، والله تعالى أعلم.
وقضية وضع التقاويم، إنما هي من عمل الفلكيين الذين لهم خبرة في درجات المدن، أما أن يطلق القول في هذا فلا.
فالمسائل الطبية تتوقف على الأطباء، والمسائل التي ترجع إلى أعمال الناس ومعاشهم وأعراف التجار يبدع فيها التجار، هذه الأمور تضبط بضوابطها، ويكون المفتي يقعد القاعدة.
المفتي يقول: العبرة في غروب الشمس، لكن أن ننظر إلى انتهاء أذان مدينة كذا، فهذا شيء باطل؛ لأنه من المعلوم أن الأذان قد يطول وقد يقصر، فحينما يقول: أشهد أن محمداً رسول الله ويمد، ليس كالذي يقول: أشهد أن محمداً رسول الله ويحذف، فهذا الفرق قد يصل إلى دقائق، فإذا كان المد في السحور فسيتأخر سحور الناس إلى وقت مؤثر، وإذا كان قد استعجل في الفطور فإنه سيكون الأذان القادم قبل الوقت بنصف دقيقة أو بدقيقة.
فأنا أقول: من الخطأ الرجوع إلى أذان المؤذنين، فهذا خطأ، ولابد أن يوضع مقدار بين لأهل جدة، ولا ينبغي عليهم أن يفطروا الناس على هذا الأذان، بل ينبغي عليهم أن يضبطوا الوقت، حتى لو قالوا: بعد ثلاث دقائق، فلا حرج إذا قال الخبراء والفلكيون أنه بعد ثلاث دقائق، يصير في هذه الحالة أن الأوقاف تلزم المؤذنين بوقت الغروب فلا يتقيدون لا بأذان ولا بغيره، بل يصبح مردهم إلى الوقت حتى لا يضروا بإفطار الناس وسحورهم، فيا حبذا لو ينبه المؤذنون على هذا، والأئمة -أيضاً- عليهم أن ينصحوا المؤذنين.