[كيفية نصح من لا يصلي]
السؤال
في يوم من الأيام وأنا أتحدث مع أحد زملائي وأسأله عن أحواله قال لي: متضايق ومضطرب.
فقلت له: صل ركعتين، وبإذن الله سيزول هذا الاضطراب.
وكان هذا في وقت الضحى، فأريد أن أنصحه بفائدة ركعتي الضحى.
فقال لي عبارة: لا تتعب معي، هل تعرف من متى أنا لَمْ أصلِّ؟! منذُ رمضان العام الماضي.
فأُصِبْتُ بالذهول، فنصحته أن يبدأ من هذه الصلاة؛ من صلاة الظهر.
فأريد منك يا فضيلة الشيخ! توجيهي كيف أبدأ مع هذا وهو زميلٌ لي؟!
الجواب
يقول الله تعالى: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} [المدثر:٤٢ - ٤٣] فمِن أعظم الرزايا والبلايا على الإنسان: تركُ الصلاة، ولذلك لا يُؤمَن على الإنسان الذي يترك الصلاة غالباً، لا تُؤمَن له سوء الخاتمة؛ لأنها هي الصلة بين العبد وربه، وكان عمر بن عبد العزيز رحمه الله يقول: [إذا حضرت الصلاة فلا تشتغل بشيءٍ سواها؛ فإن من ضيعها فهو لما سواها أضيع] تأسياً بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (فإن صلحت صلح عمله، وإن فسدت فسد عمله).
فالمقصود: أن ترك الصلاة مصيبة عظيمة، والذي أراه أن تداوم على نصح هذا الشاب.
الأمر الثاني: أن تنقله من بيئته إلى بيئة صالحة، فكثيرٌ من الشباب يكون فيهم خير؛ ولكن الشر يأتيهم من البيئة الفاسدة، فخذه وانتشله من بيئة الضلالة إلى بيئة الهدى، وخذه إلى الأخيار ومجالس الأخيار حتى يدخل النور إلى قلبه؛ فينشرح صدره، ويطمئن فؤاده، وبإذن الله عز وجل سيجد خيراً كثيراً.
وإذا لم تتمكن من أخذه لانشغالك أو نحو ذلك فمن الممكن أن توصي أحد الأخيار أن يتعاهده، وتتعاهده أنت، وأوصيك أن تحتسب، فلعل هذا العبد إذا أنقذه الله على يديك أن يكون لك طريقاً إلى الجنة؛ لأنه ما من إنسان يهتدي على يديك إلا كانت صلاته وزكاته وعبادته وطاعته كلها في ميزان حسناتك، وهذا فضل عظيم.
فأوصيك أن تجتهد، فهذه تجارة رابحة، ولذلك فإن الأخيار والدعاة الصادقين يفرحون لَمَّا يرون مثل هذه النماذج؛ لأنهم يعاملون الله جل جلاله، يفرحون؛ لأنها تجارة رابحة مع الله، صلاته وعبادته كلها في ميزان حسناتك.
ولذلك ورد في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص: (أن العبد إذا قام يوم القيامة جاءت أعماله كالغمامات، يُنشر له ديوانه، ثم تأتي أعماله كالغمامات يقول: يا ربِّ! ما هذا؟ فيقول: سننٌ هَدَيتَ أو دَعَيتَ إليها كان لك مثل أجور من عمل بها).
فيحتسب الإنسان في هذا.
ونسأل الله العظيم أن يشرح صدره على يديك، وأن يهدينا وإياه إلى سواء السبيل.
والله تعالى أعلم.