[العوامل التي تساعد على محاربة الهوى]
السؤال
ما هي العوامل التي تساعد على محاربة الهوى وعدم اتباعه؟
الجواب
الأمور التي تساعد على محاربة الهوى: أن تقفل على نفسك جميع الأبواب المخفية لهذا الهوى، فالإنسان الذي يبتلى بالهوى والضلالة -نسأل الله السلامة والعافية- لا بد من وجود أسباب أفضت به إلى ذلك: إما قرين السوء، ولذلك قال الله تعالى حكاية عن عبادة المجرمين: {فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ * وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ * قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ * تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ * إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * وَمَا أَضَلَّنَا إِلاَّ الْمُجْرِمُونَ} [الشعراء:٩٤ - ٩٩].
وقال أيضاً: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً * يَا وَيْلَتِي لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنْ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولاً} [الفرقان:٢٧ - ٢٩].
فقرين السوء من أعظم أسباب الهوى، ما زين الخمر وحببها إلى شاربها إلا قرين السوء، ولا زين المعاصي وجعلها سهلة ميسرة لمن فعلها إلا قرين السوء، الذي لم يتق الله في أخيه وأورده الموارد، ولذلك يأتي يوم القيامة فيتبرأ منه: {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنْ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوْا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمْ الأَسْبَابُ} [البقرة:١٦٦]، فنسأل الله السلامة والعافية، فقرين السوء من أعظم أسباب الهوى.
كذلك أيضاً من أسباب الهوى: الجلوس في مجالس أهل الضلالة، فهذا الإمام مالك رحمة الله عليه المشهودٌ له، حتى يقول عنه عبد الرحمن بن مهدي: جالست سفيان ويحيى -يعني: يحيى القطان - ومالكاً، ما رأيت أعقل من مالك، كان هذا الإمام رحمة الله عليه معروفاً بوفرة العقل، حتى إن الإمام أحمد رحمة الله عليه قال: كان من أكمل الناس عقلاً في فضلٍ وعلم.
وأثنى عليه، فمن عقل الإمام مالك لما قيل له ذات مرة: حدثنا.
فحدثه، فقيل له: عمن حدثت؟ أي: من الذي حدثك بهذا الحديث؟ قال: ما جالست سفيهاً يوماً قط.
فالذي يريد أن يعافيه الله من الهوى لا يجالس السفهاء وأهل الهوى، فمن جالس قوماً تأثر بهم، ففي اليوم الأول ينكر، واليوم الثاني يضعف إنكاره، حتى يصبح يوماً من الأيام لا يفرق بينهم وبين نفسه -نسأل الله السلامة والعافية- فالإنسان الذي يريد أن يسلمه الله من الهوى عليه أن يقفل أسباب الهوى، فيجلس مع أهل الهدى حتى ينقل إلى الهدى، ويكون من أهل الهدى، ويسلم من الردى والهوى، فيحرص الإنسان على هذه الأمور.
أيضاً من الأمور التي تسلم من الهوى: كثرة قراءة القرآن مع التدبر؛ لأن القرآن يأخذ بمجامع القلب فتتجه جميع الشعب إلى الله جل جلاله، فيأتي الشيطان فلا يجد منها شعبة، وتأتي الشهوات والشبهات فلا تجد شعبة؛ لأن جميع شعب القلب اتجهت إلى كتاب الله، وإلى كلام الله.
ولذلك كان السلف الصالح رحمة الله عليهم لا يفترون عن كتاب الله آناء الليل وأطراف النهار، فصاموا به النهار وقاموا به الأسحار رحمة الله عليهم.
فلذلك الذي يريد أن يسلمه الله من الهوى؛ يحرص على هذين الأمرين: الأمر الأول: ألا يجالس أهل الهوى وأهل البدعة وأهل الضلالة، ويحرص على أهل السنة والحق، والذين هم على نور من الوحي من كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم.
الأمر الثاني: أن يحرص على ما ذكرناه من البعد عن قرناء السوء ومن لا خير في مجالسهم.