أول ما يوصى به من أراد قيام ليالي رمضان: الإخلاص لوجه الله في قيام شهر رمضان، قال صلى الله عليه وسلم:(من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)(من قام رمضان إيماناً) أي: أنه مصدق بوعد الله ووعيده، (واحتساباً) أي: رجاءً في رحمة الله عز وجل، (غفر له ما تقدم من ذنبه).
إذا خرجت من الدار لكي تعمر المسجد بقيام رمضان فاخرج وليس في قلبك إلا الله فاخرج بنية ترجو بها رحمة الله عز وجل، إذا خرجت بهذه النية لم تُرفع لك قدم إلا رفعت بها درجات، ولم توضع لك قدم إلا حُطَّ عنك بها آصار وسيئات، اخرج بهذه النية الصادقة، لا رياءً ولا سمعة، ولو خيَّرت بين أن يراك الناس وبين أن لا يروك، لاخترت أنك وحيد خالٍ بقيامك لا يراك إلا الله، اخرج وأنت ترجو رحمة الله، فكم من قدم أخلصت في القيام بين يدي الملك العلام أوجب الله لها بذلك القيام دار السلام! فإن الله تبارك وتعالى يصيب عبده برحمته على قدر إخلاصه في عبادته، فليجاهد العبد نفسه في إخلاص النية لله، والمحروم من حرم الإخلاص في قيامه، فكم من أقدام انتصبت في جوف الليل تتعبد الله بالقيام، ما كان لها حظ إلا التعب والنصب، نسأل الله السلامة والعافية.
فالله الله أن يُحرم العبد بسبب فتنة -يرجو بها نظرة العباد- رحمة رب العباد! فما الذي يجني العبد من النظرات؟! وما الذي يأخذه العبد من البريات؟! لا يغني أحد عن أحد من الله شيئاً، حرّك النفس للإخلاص في القيام، وقل إني أرجو رحمة الملك العلام، فإذا خرجت من دارك تذكرت بخروجك أنك في الحشر بحاجة إلى هذه الخطوات، فإذا قمت في قيامك تذكرت حاجتك إلى هذه الركعات والسجدات إذا طوي عليك قبرك، وأُقفل عليك لحدك، لذلك ينبغي للمؤمن أن يجاهد نفسه بالإخلاص في قيامه، ومن خرج من بيته مخلصاً لوجه الله في القيام أذاقه الله حلاوة القرآن، فتجد عنده الخضوع والخشوع والإنابة لله تبارك وتعالى، وما خرج مخلص لله في خروجه إلا نال التوفيق في عبادته.