أنا أمٌّ أحاول بكل جهدي أن أربي أولادي وبناتي التربية الإسلامية، والتربية الصالحة؛ لكنَّ زوجي لا يساعدني على ذلك ويقول: لا تعقِّدي الأولاد، فأنا أبْنِي وأعمر وهو يهدم، وإذا نصحتُه على انفراد وفي الوقت المناسب يقول لي: كوني صالحة لنفسك، وما لك وللأولاد، وهو لا يصلي الصلاة في الوقت، ولا يصليها في المسجد، وهو كثير السفر إلى بلاد الكفر، حتى إنني قررتُ ألا أحمل منه، ويكفي ما رزقني الله منه من أولاد؛ لأنني أخاف عليهم من تربية هذا الرجل، وبالأصح هو لا يربي ولا يريدني أن أربي، فأرجو الدعاء لهذا الزوج وتصبيري على هذا الحال المكتوب عليَّ أثابكم الله فضيلة الشيخ؟
الجواب
أسأل الله العظيم أن يهدي قلبه، وأن يصلح أمره، وأن يكف شره عن ولده.
أختي في الله: احتسبي الأجر عند الله جل وعلا، والله يكتب لك ما يكون منك من إحسان في تربية الوِلْدان، احتسبي عند الله الأجر، والله لا يضيع أجرك، وأجرك عظيم، فالمرأة التي تُبْلَى بزوجٍ لا يقدِّر عناءها وتعبها في إصلاح الذرية أعظم أجراً من المرأة التي تجد من يشكر حسنتها، ويذكر جميلها، فاحتسبي عند الله الأجر، واعلمي أن الله معك، وأنه {نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ}[الأنفال:٤٠].
هذه الوصية الأولى.
أما الوصية الثانية: فاستديمي على ما أنت عليه، وابني؛ فنِعْمَ -والله- ما بنيتِ، واهدي ودُلِّي؛ فنِعْمَ -والله- ما هديتِ ودلَّيتِ، وكذلك أيضاً ذكريه بالله وخوفيه من عقوبة الله، لعل الله أن يهديَه، ومِن عذابه أن ينجيَه! والله تعالى أعلم.
أما الطرف الثاني من السؤال: وهو ما قررتيه من عدم الحمل، فلا ينبغي هذا، بل ابقَي على ما أنت عليه، واحملي، وذَكِّري، وانصحي، واثبُتي؛ فإن الله يحب الصابرين في البلاء، ولذلك لا ينبغي أن تفكري هذا التفكير، فإن الله يقول في كتابه:{يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ}[الأنعام:٩٥] قال بعض العلماء: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ}[الأنعام:٩٥] أي: الولد الصالح من العبد الفاجر.
ولذلك أخرج الله من أبي جهل: عكرمة، وما ضَرَّ عكرمة كفر أبيه.
فلا يدعوكِ هذا إلى اليأس والقنوط من رحمة الله، ولعل الله عز وجل أن يكتب لك درجات في الجنة تبلغينها بسبب هذا البلاء، ثم يَمُنُّ عليه بالهداية، فيجمع لك بين خيرَي دينِكِ ودنياكِ وآخرتِكِ.
فلا تفكري هذا التفكير، وعليكِ بالبناء والاجتهاد في طاعة الله، وتربية الأبناء على محبة الله.