للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الدعوة إلى الله على بصيرة]

الوقفة الثانية: الدعوة إلى الله على بصيرة وحكمة يهتدي به الداعية ويهدي به من وراءه.

العلم الذي به يستنير قلب الداعية، وينال به البصيرة {قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي} [الأنعام:٥٧] فمن كان على بينةٍ من الله اتضح له الحق، فأحبه والتزمه ودعا إليه، ومن كان جاهلاً بالله وبشرعه ضل وأضل، ومن علامات الساعة وأمارتها: (أن يتخذ الناس رءوساً جهالاً، سئلوا فأفتوا بغير علمٍ فضلوا وأضلوا).

فأول ما ينبغي على الداعية: العلم إن على كل داعية أن يبتدئ دعوته بمجالس العلم ورياض الجنة ويسير في طريق طلب العلم، ويحب العلماء يتزود منهم وينتفع بهم، ويلتمس رحمة الله جل جلاله، فالعالمُ الرباني إمامٌ للداعية يهتدي به بعد كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.

إذاً: لا بد للداعية من وقفة مع طلب العلم، ينتهل فيها من المعين الصافي؛ من كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا تعلم وعلم واستنار قلبه، أمكنه أن يهتدي في نفسه وأن يهدي غيره.

لا دعوة بالجهل، والداعية إذا كان جاهلاً ضل وأضل وراءه؛ فيهلك وتهلك به أمم، فيحاسبه الله جل وعلا عليها.

فحريٌ بطالب العلم والداعية إلى الله، أن يجد ويجتهد في طلب العلم، وليعلم أن سبيل الدعوة والتذكير بالله والهداية إليه تحتاج إلى سلاح ونورٍ وبصيرة، لا يمكن أخذ ذلك كله إلا عن طريق العلماء الأمناء الثقات الأثبات.

إذا جلس الداعية في مجالس العلم وأحب العلماء والتزم بسبيلهم وحرص على الاستفادة منهم، وتأدب ورأى حرمتهم؛ فإن الله يوفي له كما وفى لعلمائه الذين ائتمنهم على دينه.

ما من داعيةٍ إلى الله يحب أهل العلم ويلتزم بحلقهم وينتفع بعلومهم؛ إلا وجدت آثار ذلك كله في دعوته؛ فيقيض الله له من يأخذ من علمه وينتفع به ويتأدب معه كما كان حاله مع العلماء.

العلم لابد منه، وقد قال بعض العلماء في قوله تعالى: {قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي} [الأنعام:٥٧] قالوا: لا يجوز لأحدٍ أن يدعو الناس ويدلهم على الدين إلا بعد البصيرة والبينة من رب العالمين.

قال بعض العلماء: قل إني على بينة، أي: حجةٌ ومحجة، حجة: يعرف بها الحق من الباطل والهدى من الضلال، ومحجة يسير عليها حتى تنتهي به إلى الجنة.