[التدخل في شئون الزوجين]
ومن أسباب المشاكل الزوجية -بل من أعظمها وأهمها- والتي تنشأ بعد دخول الزوج على زوجته: تدخل الغير في شئون الزوج والزوجة، فإذا تدخل الغير في شئون الزوج والزوجة، فإنه حينئذٍ يعاني الزوجان من المشاكل.
ولذلك إذا أراد الله عز وجل أن يرحم الزوج أو الزوجة فإنه يكرمها بأن لا يدخل أحد بينهما، كم من نساء صالحاتٍ طاهراتٍ وكم من رجال صادقين مباركين وقعوا في مشاكل مع زوجاتهم لم يعلم بها أحد غير الله عز وجل، ولذلك من سداد العبد وصلاحه وكذلك من سداد المرأة وصلاحها ألا يدخل الغريب بينهما، ولذلك كان من الخطأ البين تدخُّل الأب في شئون ابنه، وكذلك تدخل الأم في شئون ابنتها، فيجلس كل واحد منهما يتعقب الزوج والزوجة يسأله عن أمور قد لا يحل له السؤال عنها، وهو مسئول بين يدي الله عز وجل عن كشف تلك العورة والسؤال عن ذلك العيب الذي لم يأذن الله عز وجل به.
وإذا أراد الله أن يصلح حال زوجين فإن الله تعالى يقطع عنهما كل غريب يدخل بينهما.
إذا أردت أن تعرف حكمة الرجل في معاملته لزوجه فانظر إليه في أسراره مع أهله، إن وجدته كتوماً لا يخبر أحداً، يعول على الله ويشتكي إلى الله ويعلق الرجاء في الله، ويحسن إدارة الأمور بنفسه متوكلاً على ربه معتمداً عليه فظن به خيراً.
وكذلك المرأة الصالحة لا تأذن لأحد أن يدخل بينها وبين زوجها، ولذلك تحاول رغم أذية زوجها لها ألا يعلم قريب ولا أحد بما جرى بينهما، وهذا قمة في الوفاء وقمة في العشرة الصالحة السوية والعكس بالعكس.
لما أصبحت الأمهات وأصبح الآباء يتدخلون في شئون الأزواج والزوجات، وكل منهما يدلي برأيه ويحاول أن يتعقب وأن يفسر الأمور ويحملها على غير ما ينبغي، لما كان ذلك وقعت المشاكل وعانينا منها.
لذلك أحبتي في الله! لنتقي الله في التدخل في أمور الزوجين.
وهناك مسألةٌ أيضاً: بالنسبة للأصدقاء في تدخلهم في شئون أصدقائهم، حتى في شئون الإنسان مع زوجه، هذا أمر لا يجوز ولا يحل شرعاًَ لإنسان يؤمن بالله واليوم الآخر إلا أن يأذن له ذلك الزوج ويدخل على وجه الإصلاح لا على وجه الإفساد، وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك حينما بيَّن خطر ذلك فقال: (لعن الله من خبب امرأةً على زوجها، ولعن الله من خبب زوجاً على زوجته) لعن الله من أفسد زوجاً على زوجته، فالمسئولية عظيمة، إذا جاءك الإنسان يشتكي فينبغي عليك أن تعول وأن تحس أنك أمام عورة وأنك أمام أمر ينبغي ستره، فعوده الصبر وحاول قبل أن يتكلم أن تذكره بالله، وأن تعوده على التوكل على الله، وأن تكون مشاكله بينه وبين زوجه، وعوده الصبر والتأسي واذكر له من قصص السلف ما يثبت جنانه وفؤاده.
إنك إن فعلت ذلك كان لك خيراً في الدنيا والآخرة، فرحم الله رجالاً صادقين ونساءً صادقات ثبت الله بهن قلوب الأزواج والزوجات، أولئك الأصفياء البررة الذين يوصون بالصبر ويوصون بالتحمل واحتساب الأجر.
لقد أوجد الله عز وجل رجالاً صادقين كادت الأسر أن تتمزق لولا نصائح منهم قيمةً، ولولا الله ثم نصائح منهم قيمة وكلمات منهم مباركة سديدة، أولئك الذين عناهم الله عز وجل بقوله {وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر:١ - ٣] التواصي بالصبر من كانت فيه هذه الخصلة فهو من الناجين لا محالة إذا كان الرجل يصبَّر صديقه على زوجه ويسليه في محنته ومشكلته، فإنه من أهل الخير ومن الذين عناهم الله عز وجل بالنجاة.